اكتبوا وصاياكم قبل أن تمرّوا من عدن ..

إذا كان السفر إلى صنعاء , الرّازحة تحت وطأة الانقلابيين , مضنيًا ومخيفًا فإنّه إلى المحافظات الجنوبية أو عبورها أضنى وأتعب وأفدح مرارة ..

أنْ تسافر من تعز إلى مأرب مرورًا بعدن وأبين فإن ذلك من ضروب المجازفة ..

ثمّة نقاط تُسمّى أمنية تذيق المسافرين ويل التفتيش , ليس احتياطًا أمنيًا , بل استفزازًا ممنهجًا , هكذا يقول كل من مرّ هناك ..

ليس التفتيش الاستفزازي هو المقزز فحسب , بل الاحتجاز والاعتقال من قِبل رجال الأمن دون تهمة تذكر هو مايزيد طين الوضع المأزوم بلة مأساة ويأس , ناهيك عن التعرض لتقطعات تقوم بها مجموعات مسلحة من تنظيم القاعدة ,  بين الفينة والأخرى ..

كان يفترض أن تبدو المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية نموذجًا للأمن والاستقرار والدولة , لكن نحن نريد وأذيال القبح والاستبداد لاتريد مانريد ..

نقاط حزام أمني , نقاط تابعة للقاعدة , نقطة تابعة لفصيل البطيخ وأخرى تتبع جماعة الكوكاكولا , سمّها ماشئت , المهم أنّها في مضمونها لا تتبع الدولة , وإن تبعتها فهي لاتعبر عنها ..

تلك قوات أمنية تلتحف يافطة الشرعية لكنّها تحارب كل ما له بالشرعية صلة , لاسيما العسكر !!

إذا كنت من أفراد القوات المسلحة التابعة للشرعية أو تنوي الانخراط فيها ومضطرًا للعبور من محافظات جنوبية , يمكنك اخبار العاملين في النقاط الأمنية أنك تعمل في بوفية أو محل تجاري أو حتى اسكافيّــًا , المهم حاول التنصل من عسكريتك , طمعًا في العبور بسلام على صراط تلك النقاط الرامية إلى اظهار الشرعية بصورة حالكة السواد !!

ستجد نفسك مجبرًا على اختلاق وظائف بالكورجة مدعيًا أنك تعمل بإحداها , المهم ليس بينها العسكرة ..

وإذا كانت هيئك تدلّ أنّك عسكريًّا فلا داعي للهروب من الحقيقة , استسلم للأمر الواقع فحسب , لأنك ستقبع خلف زنازينهم , هذا مؤكد ويحدث باستمرار , فالعديد من أبناء مديريتي أعتقلوا في نقاط تفتيش موزّعة بين عدن وأبين , بعضهم ظلّ خلف القضبان يوم أو يومين ومنهم من استمرّ في تلك السجون أسبوعين , ولرُبما , إن استمرت الشرعية غارقة في سباتها العميق , سنلحظ في قادم الأيام احتجازات أطول مدّة وأكثر بشاعة , وهذا ما سيجعل كل من يفكر بالسفر إلى عدن  يكتب وصاياه مسبقًا ..

الغريب أنّ الإمارات تصول وتجول في المحافظات الجنوبية لكن من الصعوبة بمكان لمواطن تعزيّ منخرط في السلك العسكري التابع للشرعية أن يسافر تلك المحافظات أو يمرّ عليها لمجرّد العبور !!

للأسف , واقع البريق العدني بادٍ للعيان مدفونًا تحت سطوة أحزمة أمنية ناسفة ومعاول عبثية لأطماع خارجية..

في الجنوب يجري ملْشنة الدولة بطريقة مقززة وموحشة , حيث لم تنجح الشرعية في خلق صورة مشرّفة ومشرقة لمشروعها الوطني , ولو ارتجالًا ..!!

العبث والمهزلة والعنصرية والمناطقية وتجريف الحياة السياسية صفات حاضرة بقوة في محافظات الجنوب , بل هي السائدة هناك !!