2017-11-02 الساعة 08:51م
تعد مشكلة التعليم لدى اليمنيين المتواجدين في دولة ماليزيا من أهم وأكبر المشاكل التي يواجهونها، وكما أن اليمني في الداخل ونتيجة للانقلاب الغاشم والحرب الطاحنة محروم من التعليم، ويعاني مشكلات انقطاع الرواتب وانفلات الأمن، وتفشي الفساد فكذلك الطالب اليمني في ماليزيا يعاني مشاكل كثيرة تمنعه وتعيقه من الحصول على حقه في التعليم والتي سوف نسلط عليها الضوء في هذا المقال.
تقسم الجالية اليمنية في دولة ماليزيا من حيث الوثائق الثبوتية لديهم ونوعية الاقامة التي يحملونها إلى فئات: طلاب، وجالية، ونازحين، ولاجئين. فكل يمني دخل ماليزيا وحصل على فيزه نظامية تاجر أو عامل أو موظف في القطاع العام أوالخاص فهذا يسمى جالية، وأما من دخل إلى ماليزيا لأجل التعليم والدراسة فهؤلاء يسمون طلاب، وأما من نزح بسبب الحرب ونتيجة لها وللصراع القائم في اليمن فإن قام بالتسجيل في المفوضية العليا للاجئين فيسمى لاجئ، وإن لم يسجل في المفوضية العليا للاجئين واكتفي بالحصول على الفيزا الخاصة التي تمنحها السلطات الماليزية لليمنين لمجرد الاقامة فقط والتي لا يسمح لحاملها بالعمل أو الدراسة أو ممارسة أي نشاط لأنها تمنح الشخص حق الاقامة فقط لا غير فهذا يسمى نازح.
ومع ما ذكر من اختلاف في التسمية والتصنيف فجميع هؤلاء الأصناف ما عدى الطلاب المبتعثين على جهات غير الحكومة اليمنية أو من يدرسون على النفقة الخاصة، فجميع من ذكر يشتركون في الحرمان من الخدمات الاساسية الضرورية للحياة الانسانية الكريمة من خدمات تعليمية وصحية وغيرها من الخدمات لسبب انقطاع المساعدات المالية عن الطلاب المبتعثين من الحكومة اليمنية ولسبب تدهور القطاع الاقتصادي اليمني العام والخاص فلم يستطع اليمني المتواجد على الأراضي الماليزية من مواجهة أعباء الحياة وتوفير لقمة العيش فضلاَ عن أنه لم يعد يتمتع بحقوقه الأساسية كإنسان له الحق في التعليم أو الصحة.
يزيد عدد اللاجئين اليمنيين والمسجلين لدى المفوضية العليا للاجئين على الـ 3000 ألف لاجئ وهؤلاء ينقسمون إلى طالبي لجوء وهم من يسجل ابتداء ويمنح كرت موعد وهؤلاء لا يسمح لهم ولا لأولادهم دخول المدارس المدعومة من المفوضية العليا للاجئين، وذلك لأنه لم يتم الاعتراف بهم بعد كلاجئين من قِبَل المفوضية العليا للاجئين في دولة ماليزيا، وكذلك لا يستطيع حامل كرت الموعد العمل ولا الاستفادة من الخدمات الصحية ولا الدورات والمشاريع المدعومة والتي تعطى لحاملي بطائق المفوضية العليا للاجئين.
أما من حصل على بطاقة اللجوء من المفوضية العليا للاجئين فهؤلاء يستطيعون ويستطيع أولادهم الالتحاق بمدارس المفوضية العليا للاجئين والتي تقوم بدعم من قبل المفوضية والجمعيات والمنظمات المحلية الداعمة للاجئين، ولكن مستوى التعليم في هذه المدارس ردئ جدا مقارنة بالمدارس الأخرى كالمدارس الخاصة وذلك لقلة وشحة الدعم المقدم لتلك المدارس ومعظم العاملين بها هم من المتطوعين، ولهذا فالعدد الملتحق بتلك المدارس من اليمنيين قليل جداً.
وأما التعليم في المرحلة الجامعية للاجئين فشبه معدوم وإن وجد فبشكل يدل على مدى الاهمال الكبير للاجئين حيث هناك عدد قليل جدا من الجامعات التي تقبل تسجيل اللاجئين كطلبة في الجامعات -وعددها تقريبا ست جامعات فقط لا غير- والطالب الملتحق بهذه الجامعات لا يمنح شهادة تخرج لان السبب في ذلك ان الدولة الماليزية ليست طرف في اتفاقية جنيف لعام 1951م والخاصة باللاجئين، ولهذا فوزارتي التربية والتعليم الماليزيتين لا تمنح شهادات للاجئين الملتحقين بالمدارس والجامعات الماليزية
وفيما يتعلق بالنازحين اليمنيين وهم من اجبرتهم الحرب على ترك اليمن، فكانت دولة ماليزيا أكثر الدول استقبالاً لهم ومثلها دولة السودان، وذلك نتيجة للعلاقة المتميزة بين اليمنيين والماليزيين حكومة وشعبا فقدمت تسهيلات خاصة لليمنيين فمنحتهم حق الاقامة بدولة ماليزيا وتعطي لهم فيز خاصة يستطيع الحاصل عليها المكوث في دولة ماليزيا وبشكل نظامي.
ولكن مما يعيب على هذه الرخصة أو الاقامة أنها لا تعطي لحاملها الحق في التعليم ولا الاستفادة من الخدمات الصحية ولا غيرها من الامتيازات وأهميتها تكمن في مجرد البقاء فقط بدولة ماليزيا، والمستفيد الأكثر منها هم أصحاب الأموال ومن لديهم مغتربين يقومون بمدهم بالمال لأجل البقاء في دولة ماليزيا. وهؤلاء نسبتهم قليلة جدا من النازحين اليمنيين البالغ عددهم تقريبا 30 الف نازح، ومعظم هؤلاء فضلوا الاكتفاء بالفيزا السياحية على الذهاب والتسجيل لدى مكتب المفوضية العليا للاجئين في دولة ماليزيا وذلك لصعوبة التسجيل ولطول الفترة التي تستغرقها فترة التسجيل والحصول على بطاقة المفوضية العليا للاجئين ولهذا فان هذه الفئة أكثر معاناة من فئة اللاجئين والذين يحملون بطائق المفوضية للاجئين.
وخلاصة القول فإن شريحتي اللاجئين والنازحين تعاني اشد من غيرها من شرائح المجتمع اليمني في ماليزيا، وكثير من أبناء هؤلاء لم يدرسوا اطلاقا، وكلما زاد عدد الطلبة الغير ملتحقين بالتعليم الابتدائي فهذا يقلل من عدد الطلبة في جميع المراحل التي تليها، وكلما ارتفع مستوى التعلم بسبب زيادة الدعم يزيد اعباء وتكاليف الدراسة فيؤدي بشكل مباشر إلى زيادة نسبة المحرومين من التعليم، لنقص التمويل والمال لدى اسر الطلبة، وهؤلاء المتسربين من المدارس أو الذين لم يذهبوا أبدا للدراسة تضيع سنوات عمرهم سدى والتي هي أهم سنوات التأهيل والتحصيل العلمي ، ويصبح مستقبل هؤلاء في حكم المجهول.
وبدلاً من أن يكون هؤلاء هم أمل اليمن، وهم أهم استثمار في المستقبل في جميع المجالات العلمية لأجل يقوموا بإعادة بناء وإنعاش اليمن بمجرد حلول السلام وانقشاع الانقلاب الغاشم عن صدر الأمة اليمنية، فسوف تكون النتيجة عكسية ومدمرة لمستقبل البلد، ففي هذه الشريحة نسبة المتسربين من المدارس هي خمسة اضعاف المتسربين من الفئات الأخرى لشدة الفاقة والفقر لدى هذه الأسر.