من يكره الخير لمدينة عدن؟ من يكره أن يحل فيها السلام الذي ألفها و ألفته؟ من يكره أن يكون ثغرها باسما كما كان و أن يعود ميناؤها متألقا كماضيه؟ من يريد أن يحول استقرارها إلى فوضى و مدنيتها إلى توحش؟ من يستهدف أبناءها الأحرار و رجالها الخيّرين؟ من يستهدف دورها و تاريخها، حاضرها و مستقبلها؟ من يستهدفها جملة و تفصيلا أرضا و إنسانا ؟
ثلاث سنوات مضت بالتمام و الكمال منذ تم تحرير عدن و هزيمة مليشيا الكهنوت الإمامي المتخلف، يومها تنفس اليمنيون الصعداء لتحريرها و الإعلان عنها عاصمة مؤقتة.
كان تحريرها يعني منطقيا و موضوعيا و هدفا استراتيجيا أن تمضي كعاصمة تحتضن القرار السياسي و الوزارات و الإدارات و المؤسسات و السفارات . و كان يعني لليمنيين أن تكون منطلقا لتحرير كل المحافظات و استرجاع الدولة بكل مؤسساتها، كان يعني لعدن و العدنيين خاصة و لليمن و اليمنيين عامة أن تكون العاصمة و المينا الذي يمد كل اليمن بما تحتاجه من إمداد و تموين و بضائع و كل ما تريد، كان يعني أن تستعيد عدن دورها الريادي استثمارا و تجارة و ثقافة و تمدنا، و أن تنهض برسالتها الملقاة على عاتقها في قيادة دولة تمكن للتحول التنموي و الحضاري، و بناء المشروع الوطني و اليمن الاتحادي.
فمن يقف وراء هدم أحلامها و أحلام كل اليمنيين :
سلي من راع غيدك بعد أُنْسٍ أبَين فؤاده و الصخر فَرْقُ؟
إن استقرار عدن، و استتباب الأمن فيها شأن يهم الجميع، يهم اليمنيين؛ يهمهم حكومة و مواطنين؛ كما يهم الأشقاء في دول التحالف العربي أيضا؛ لأن استقرار العاصمة المؤقتة و استقرار الحكومة فيها هو المقدمة للنصر الكبير المنشود الذي حددها التحالف العربي بتمكين الشرعية من استعادة الدولة ، و هو بحد ذاته نصر يتحقق لليمن و اليمنيين، كما يكون أيضا نصر للأشقاء في التحالف العربي، و أن الإخفاق في ذلك يحسب على الجميع!
إن ما يصيب عدن؛ و بالذات في هذه الأيام و هذا الظرف الاستثنائي الذي تعيشه البلاد؛ لا يقتصر فساده و لا كارثته على عدن وحدها، و إنما على البلاد كلها.
و ليس غرورا أو إغراء إذا قلنا أن اليمن تمثل موقعا متقدما، و خط دفاع أَمامي في مواجهة تمدد المشروع الفارسي، ليس للجزيرة و الخليج فحسب؛ ولكن للوطن العربي بشكل عام.
إن حجر الزاوية في تحقيق انتصار اليمن و التحالف العربي بشكل سريع و حاسم يتطلب رؤية واضحة لدى الطرفين لتحقيق الهدف المنشود، و أن تنهض عدن بدورها كعاصمة فعلية على أرض الواقع تعمل الحكومة من داخلها وفق رؤية مشتركة لتحقيق الأهداف المرسومة التي سيكون لها أثرها الإيجابي للوطن العربي كله.