2018-08-04 الساعة 11:28م
في يوم حزين،كسى مأرب ثوب الحداد،وهي تودع علما من أعلامها،وقطب من أقطابها العلمية والدينية والاجتماعية،رحل رجل الخير،وداعية السلام وشيخ الوسطية والإعتدال ومفتيها الشعبي.
رحل الشيخ سعيد عبدالرحمن سعيد سهيل، الرجل يجمع الناس على محبته،ويجده الناس بينهم متواضعا في مناسباتهم أفراح أو اتراح،مباركا أو معزيا أو ناصحا،او خطيبا واعظا ينشر قيم المحبة والاخاء.
رحل سعيد،سعيدا،نحسبه كذلك لما نعرفه من مكاركم الاخلاق والصلاح والتقى والزهد،رحل سعيد،ليخيم الحزن على القلوب، وافاه الأجل صباح اليوم الجمعة بعد ستة عقودا من العطاء.
اليوم هي الجمعة اليتيمة التي لم يعتلي الشيخ سعيدا منبرا في مأرب،لكنه كان حديث كل المنابر.
ينتظر الناس خطبته كل جمعة،ولا تفارق المناسبات حضوره ومواعظه،ومع ذلك لا يملونه.
يصعد إلى المنبر فتشخص الابصار نحوه،تنساب المواعظ حكما ودررا،تلامس شغاف القلوب،كما تلامس واقعها،تنطلق الكلمات،كأشعة الشمس،في الصبيحةالباردة،تدفئ الروح،وتشتاق للمزيد.
مواعظ بليغة،ببلاغة بسيطة ولغة إشارة تحكي تفاصيل خبير نفسي،يخاطب بلطف تلامذته اصابهم السقم.
جل من يشهد خطبته أو محاضراته أو دروسه،يعود مفعما قلبه بسماحة الاسلام ورحمةوفيض كرم الرب المنان،يحدوه الشوق الى ما عند مليك مقتدر ويشعر بما فاته من الخير ليستدرك فيما بقي من العمر.
كانت آخر زيارة مناسباتيه له في العيد،كان لقاء لايزيد عن ساعة،ادار لحظاته باقتدار،معطيا كلا منا حقه في الحديث،منه واليه.
تحدث عن البناء،والتأهيل والقدرات وتوضيفها،فمع الاعلام،وكأنه استاذ،ومع الاداري خبير ملهم.
يدرك أهمية كل طاقة وقدرة ويقدر مقدار المشقة وصولا الى أي مستوى،يخاطبك وكأنه معك مدركا لهمومك،ويعاتبك عن تقصيرك بحق نفسك،ويحذرك من التفريط بما اكتسبته من معرفة وخبرة في مجالك في لحظة تهور او حمق.
اليوم مع الصباح،تلقيت اتصالا اليم تخنقه العبرات،الشيخ سعيد توفى،يا الله الطف بنا ارحمنا امتأكد انت مما تقول حسبنا الله ونعم الوكيل انا لله وانا اليه راجعون.
رحل وفي الحزمة مسقط رأسه التشييع،قلت لصديقي ستشهد اليوم حشدا لم تشهده مأرب من قبل ولن تشهدها بعدها انه حب الشيخ سعيد سيجمعهم.
تقاطر الناس من كل حدب وصوب،صغير وكبير،طفل ومسن،مشائخ وطلاب،علماء ومعلمين،عمال ورجال أعمال،شباب وعجزه،ركبانا وراجلين،يتسابقون الى ساحة كبيرة،خصصت للصلاة،الدموع هي لغة عين الجميع يعبرون عن مصابهم.
انه حقا لمصاب جلل،وقد اطفأت الاقدار مشكاة الحكمة والكلمة الجامعة،والرأي السديد،والصوت المسموع،والناصح الأمين،والافق الواسع،ومدرسة الاخلاق والقيم والتواضع والبساطة،ورجل اصلاح ذات البين.
تعازينا لجميع آل سهيل،برحيل أحد أبرز نجوم مجموعتها الصالحة.
رحم الله الفقيد وأسكنه الفردوس الأعلى، وعصم قلوب أهله وذويه وطلابه ومحبيه..
إنا لله وإنا إليه راجعون.