2015-04-13 الساعة 06:09م
هذا كلام موجّه إلى الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي الذي يقبع حالياً في الرياض، ومعه كوكبة من رجالات الدولة المتخلّين عن واجباتهم ومسؤولياتهم الاستثنائية في هذا الظرف العصيب، بما يذكّرني بما كان عليه حال البيض عندما غادر عدن بعيد إطلاق الرصاصة الأولى، ومعه غادرت كل هيئة الأركان العليا لمشروع دولة الجنوب الافتراضية، وكان رهانه المطلق على تأييد إقليمي سيعيده إلى مرابع حكمه الزائل، لكنه وبدلاً عن ذلك أصبح لاجئاً مأسوراً، وصولاً إلى الارتماء في أحضان مشروع غامض يتدثّر بدين التشيُّع السياسي؛ وكل ذلك باسم القضية الجنوبية..!!.
ما سأقوله أنين شخصي صادر من أعماق التراجيديا الماثلة التي رافقت مقدّماتها البائسة واكتويت كغيري من اليمانيين بنيرانها الحامية التي حوّلتنا جميعاً إلى مشرّدين اعتياديين ولاجئين منبوذين في كل بقاع الأرض، عقود من المتاهات اكتملت بلبوس جدبها وبؤسها حتى نرى ما نراه اليوم.
أتمنّى على الرئيس هادي أن يعود ومن معه فوراً إلى عدن التي تتعرّض هذه الساعات لأبشع هجمة همجية تتلخّص في قتل الشباب بواسطة القنّاصة، وتدمير المعالم بالمدفعية، وقطع إمدادات الماء على نصف مليون مواطن في خورمكسر والمعلا والتواهي وكريتر، وتفخيخ الحواري والمنازل بالمليشيات المخطوفة عن ذواتها، والتي تعيد إنتاج تاريخ التسلُّل الشهير بـ«حصان طروادة» لتقوم بتدمير مدينة الحكمة والحضارة اليونانية «طروادة العظيمة».
عدن المكلومة تلخّص ذلك البُعد الدلالي الكبير لصراع الحضارة والهمجية، وتعلّم الزمن اليماني معنى المدنية اليمنية التي تأبّت دوماً أن تكون مكاناً لمن ينتمون إلى ثقافة القرون الوسطى.
ارجع يا هادي ومن معك إلى عدن لتنالوا شرف الدفاع عن شرعية طالما تنازلتم عنها في صنعاء، منذ أن تخلّيتم عن لواء الشهيد القشيبي لمجرّد أن قائده ينتمي إلى حزب الإصلاح، وتركتم العاصمة لسقوطها الحتمي الحُر، وكنتم تعلمون يقيناً بكامل السيناريو المحبوك بين الحوثيين والصالحيين، ارجع ومن معك إلى عدن؛ فأنت أكثر من يلهجون بالمثل الأبيني الحكيم: «يستاهل البرد من ضيع دفاه».
التخلّي عن عدن في هذا الظرف هو المعادل الحتمي والنهائي، ليس للتخلّي عن الشرعية النحيلة فحسب؛ بل وعن التاريخ الذي يسجّل ولا يرحم، ويمكر بمن يتذاكى عليه..!!.
معركة عدن هي معركة المستقبل، إنها لحظة التقاطع الحتمي بين دربين، أحدهما يوصل إلى النماء والازدهار والمواطنة والشفافية، والآخر يعيد إنتاج بؤس الماضي القريب والبعيد بكفاءة تدميرية أفظع مما عرفناه ذات يوم سابق، فهل تعود وهيئة أركانك إلى ساحة الواجب..؟!.