2015-05-05 الساعة 02:13ص
بزيارة نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض إلى العاصمة السعودية الرياض، يعيد بوصلته السياسية إلى وجهتها الحقيقية بعد أن كان قد انحرف بها لسنوات نحو طهران، أعتقد أنها ستكون حليفاً حقيقياً لمشروعه السياسي في تحقيق انفصال الجنوب، لكنها سرعان ما تخلت عنه عندما وجدت حليفاً أكثر قابلية وقدرة على تنفيذ أجندتها السياسية والعقدية، ونقصد بهذا الحليف جماعة الحوثي.
طوال سنوات التحالف مع إيران ظل البيض، وهو أول رئيس جنوبي يعلن الوحدة مع الشمال العام 1990، في كنف ورعاية وحماية حزب الله في الضاحية الجنوبية، وكان يدير من هناك لقاءاته السياسية مع مختلف الأطراف الداخلية والخارجية، وفتح له الحزب المجال لإطلاق قناة فضائية أسماها «عدن لايف» بدعم مالي من إيران.
كانت خطوة التقارب بين البيض، وهو القيادي اليساري الكبير في الحزب الإشتراكي اليمني، حيث كان يقود الحزب عند إعلان دولة الوحدة العام 1990، وإيران غير مفهومة للعديد من المراقبين، واعتقد كثيرون أن الرجل حرف بوصلته السياسية إلى الوجهة غير الصحيحة، خاصة وأن مصالح إيران وسياساتها تتقاطع بالمطلق مع مصالح العرب، وبالذات مع دول الخليج.
رهانات البيض على دور إيراني استندت إلى ما كان يشار إلى قدرة إيران على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، قبل أن تأتي «عاصفة الحزم» لتغير المعطيات والمفاهيم كافة حيال قدرة إيران على لعب دور رئيس في المنطقة وتيقن البيض أن إيران لم تكن تهدف من وراء تشجيعه وتمويله إلا إلى فتح ثغرة في جدار اليمن للوصول إلى غاياتها قبل التخلي عن أي حليف.
كانت طهران تخطط للاستفادة من البيض، الذي بدأ يقود معركة ضد النظام السابق، بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح، قبل الإطاحة به من السلطة العام 2011، وكانت ترى أن ورقة البيض يمكن أن تحرك الوضع في الجنوب لتضغط بشكل متواز مع حلفائها في الشمال، أي جماعة الحوثي، والتي كانت لا تزال في كهوفها بصعدة.
وعندما بدأ الوضع يميل للحوثيين في الشمال، وتعززت قبضتهم عليه، وجدت طهران فيهم الطرف الأقوى بين حلفائها، فبدأت بالتخلي عن رهانها على البيض، ليس لأنها فقدت الثقة به فقط، بل لأنه لم يتمكن من إفادتها في الجنوب، الذي رفض ولا يزال يرفض بالمطلق أية تبعية لإيران، سواء كانت هذه التبعية دينية أو سياسية، على الرغم من أن البيض أكد في تصريحات صحافية أنه مستعد للتحالف حتى مع الشيطان وليس فقط مع إيران، إذا كان ذلك سيؤدي إلى فصل الجنوب عن الشمال.
زيارة البيض الأخيرة إلى السعودية أعادت التوازن إلى مشروع البيض وأعادت البوصلة نحو اليمن، بعدما تخلى عن ذلك المشروع الذي يهدف إلى تقسيم اليمن، انسجاماً مع موقف دول الخليج الذي يرفض تجزئة اليمن واللعب على ورقة الانفصال، وربما يكون هناك مشروع آخر يحقق قدراً كبيراً من مطالب الجنوبيين في إعادة صياغة الوحدة التي عفى عنها الزمن وتجاوزتها الأحداث الأخيرة.