2015-01-28 الساعة 08:08م
تبدو جماعة الحوثي في حالة عجز كامل عن التعامل مع الأزمة الكبرى التي صنعتها بإستكمال سيطرتها على العاصمة صنعاء من خلال اقتحام دار الرئاسة ، وماتبعه من تداعيات أهمها إستقالة الرئيس والحكومة ؛ الإستقالتان اللتان تركتا الجماعة المسلحة تتخبط في مواجهة الجميع.
أدوات جماعة الحوثي ومنهجيتها وطريقة أداءها لم تختلف بعد اجتياحها للعاصمة والرئاسة عما سبق هذا الاجتياح ؛ وكأنها لا زالت جماعة مسلحة تكتفي بمقاتلة خصومها وقمعهم ، وتنسى أنها المسؤول الأول عن هذا الفراغ في البلد الذي أصبح بلا رئيس ولا حكومة ، وتنسى مسؤوليتها عن الوضع الاقتصادي واحتمالات الانهيار الكامل ، والعجز عن دفع مرتبات الموظفين في الجهاز الاداري والامني والعسكري ؛ في ظل وقف المساعدات لليمن من قبل دول الخليج ، والتهديدات بايقاف انتاج النفط والغاز في المحافظات النفطية الثلاث ؛ مأرب وشبوه وحضرموت ، رداً على الانقلاب والتغول الحوثي في إزاحة الجميع والاستيلاء على السلطة في العاصمة.
ليست أزمة الفراغ السياسي الوحيدة التي تواجه البلد الآن ، غير أنها المفتاح لكل الأزمات الأخرى التي ولدها الاجتياح الميليشياوي للدولة والرئاسة والعاصمة.
ولن يكون بإمكان أي صيغة يتم الذهاب اليها لملأ هذا الفراغ ؛ أن تحظى بقبول كل اليمنيين مالم تحرص على الجمع بين الطريق الدستوري المتمثل في مجلس النواب ، بالإضافة إلى البعد الوطني المتمثل في الجنوب وكل مناطق اليمن ومكوناته ، وأن يتم ذلك إستناداً إلى إستعادة الرئاسة والعاصمة من قبضة الميليشيات الحوثية. عدى ذلك ستكون أي سلطة انتقالية قادمة أداة أكثر إنقياداً وإذعاناً لسلطة الحوثي على الأرض ، ومجرد واجهة تضليلية تمكنها من استكمال سيطرتها على مفاصل الدولة والمجتمع في عموم اليمن.
أثبتت أحداث اليومين الماضيين أن جماعة الحوثي على استعداد للذهاب نحو مزيد من الانتهاكات والقمع والاختطافات والاعتداءات في مواجهة الاحتجاجات الشبابية على انقلابها ونهجها التدميري للدولة ومقومات وجود اليمن والمجتمع اليمني كلها
ولم يظهر حتى الآن أي مؤشرات على أن هذه السلطة الميليشياوية المتغولة يمكن إن تقف عند نقطة ما وتراجع مسيرتها ، وتدرك فداحة ومخاطر نهجها الاجتثاثي واندفاعها الاجتياحي على مستقبل 25 مليون يمني أصبحوا مهددين بتقويض حياتهم بفعل هذا الفراغ وهذه الفوضى الشاملة التي نتجت عن سلسلة الاجتياحات الحوثية على جميع المستويات.
ما تبعثر في اليمن غير قابل للملمته ببنادق الميليشيا التي قطعت أوصاله. وحده الاجماع الوطني الشامل من كل مكونات البلد السياسية والمجتمعية سيكون قادرا على استعادة الدولة والمسار الانتقالي الذي يلبي تطلعات جميع اليمنيين
ولا مسار انتقالي يمكن أن يستعاد تحت وطأة قوة جماعة مسلحة تطلب من الجميع أن ينصاعوا لإرادتها وسلطتها ، وفي أحسن الأحوال تقبل بهم واجهات صورية لهذه الهيمنة التي لا تقبل بأقل من إخضاع الدولة والمجتمع والافراد والبلد كله
لن ننتظر كثيراً. هي أيام معدودة ، سيتبين بعدها الاتجاه الذي تمضي نحوه اليمن : إما التوصل الى صيغة مقنعة لملأ الفراغ تترافق مع تراجع جماعة الحوثي إلى ماقبل 21 سبتمبر ، أو إستمرار الفراغ الذي سيفتح البلد على كل الاحتمالات التي لا يرغب بها أحد ، وليست في مصلحة أحد