أهم الأخبار

معتقل يمني سابق في غوانتانامو والإمارات اختفى في صنعاء

2021-11-23 الساعة 03:39م (يمن سكاي - )

نشر موقع "ذي انترسبت" تقريرا للصحفية إليز سوين، قالت فيه إنه تم إطلاق سراح معتقل سابق في غوانتنامو من سجن في الإمارات إلى عائلته في اليمن، بعد 20 عاما من الاعتقال التعسفي، ولكن حريته استمرت أقل من أسبوع.

كان عبد القادر المظفري مساعد طبيب شاب، كان يحلم بأن يصبح طبيبا. لم يكن أحد يتخيل أنه في سن الخامسة والعشرين سوف يُسجن على مدى العقدين المقبلين، أولا من قبل أمريكا، ثم من قبل الإمارات.

مثل العديد من الرجال المسلمين الأبرياء الذين تم القبض عليهم في حملة وكالة المخابرات المركزية مباشرة بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، تم اختطاف المظفري من قبل القوات الأمريكية في باكستان، ونقله جوا، حيث غطي رأسه بكيس، وتم تصفيده، إلى سجن خليج غوانتانامو.

احتُجز الرجل إلى أجل غير مسمى كعضو مشتبه به في القاعدة، ورأى أن مستقبله يضيع في أسوأ السجون الأمريكية. وباعتباره من أوائل معتقلي غوانتنامو، فقد تعرض للتعذيب أثناء الاستجواب، واحتُجز لمدة 14 عاما.

في عام 2016، ومع وجود أمل جديد في أن محنته قد انتهت، تم إطلاق سراح المظفري مع 14 معتقلا آخر. كان وطنه اليمن غير مستقر، بحيث لا يمكن العودة إليه، لكن الإمارات وعدت بإعادة التأهيل وإعادة التوطين. وجاء الاتفاق معها، والذي تفاوضت عليه وزارة الخارجية، بعد أن فشل فيه قرار الرئيس باراك أوباما المبكر بإغلاق السجن سيئ السمعة عند اقترابه من نهاية فترة ولايته.

لكن بدلا من منح المظفري ورفاقه اليمنيين فرصة للتعافي من الانتهاكات التي استمرت لسنوات، سجنتهم الإمارات -وهي خطوة تجاهلتها إدارة ترامب- سنة واحدة من الاعتقال امتدت إلى خمس سنوات، مع عدم السماح بالاتصال بالعالم الخارجي.

ونقل المحامون إلى عائلة المظفري أن حالته كانت تتدهور في الحبس الانفرادي.

بعد ضغوط من المحامين ووسائل الإعلام، تم إطلاق سراح المظفري وآخرين أخيرا من الحجز في الإمارات الشهر الماضي، وتم تسليمهم لأسرهم. كان المدافعون قد سعوا دون جدوى إلى نقل معتقلي غوانتنامو السابقين إلى دولة ثالثة آمنة مثل عمان أو قطر، محذرين من العودة إلى اليمن، البلد الغارق في حرب أهلية، ويعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

بعد سجنه في الإمارات، لم يعد المظفري المصاب باضطراب نفسي شديد هو نفس الرجل الذي تحدثت معه عائلته في غوانتانامو. قال أمين المظفري، شقيقه الذي يعيش خارج اليمن، لموقع "انترسبت"، إنه لم يتمكن من التعرف على أفراد أسرته المباشرين في اليمن على الإطلاق، و"اتهمهم بأنهم إماراتيون يخدعونه". رفض التحدث إلى أي شخص وأصبح مضطربا وخائفا عند الاقتراب منه. كان تعصيب عيني المظفري هو السبيل الوحيد الذي مكن قوات الأمن الإماراتية من إقناعه بمغادرة قاعدتها في المكلا، وهو ميناء بحري في اليمن، والعودة إلى العاصمة مع شقيقه وعمه.

في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر، طلب المظفري الخروج من المنزل لأول مرة منذ وصوله إلى منزل عائلته. وبينما كان برفقته عائلته في شوارع العاصمة صنعاء، فر المظفري، ولم تعرف عائلته المذعورة ماذا حصل له حتى أكد أحد معارفها مخاوفهم: لقد تم اعتقاله من عناصر مليشيا الحوثي عند نقطة تفتيش.

قال أمين إن اختفاءه أصاب الأسرة بالذهول. فبعد نضال دام عقدين من أجل إطلاق سراحه، لا تزال إحدى أخواته في حالة صدمة، وتم نقل شقيق أكبر إلى المستشفى، حيث مكث أياما بعد سماع الخبر. (يحجب موقع "انترسبت" أسماء بعض أفراد عائلة المظفري، الذين يخشون الاضطهاد والانتقام بسبب التحدث إلى وسائل الإعلام من بلد إقامتهم).

واحتجز المظفري منذ ذلك الحين في مكان غير معروف. قال أمين عبر "واتساب": "إنه مخفي ولا يُسمح بمقابلته. ولا نعرف مكان اعتقاله".

في اليمن، تكثر حالات التعذيب والاختفاء داخل شبكات السجون. لقد تم توثيق وجود السجون السرية التي تديرها الإمارات، حيث يتعرض المعتقلون اليمنيون للتعذيب والاستجواب الأمريكي.

اتُهم الحوثيون وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأطراف متحاربة أخرى بإدارة سجونهم السرية الخاصة التي ينتشر فيها التعذيب.

عبد الرحمن برمان، محامي حقوق الإنسان اليمني والمدير التنفيذي للمركز الأمريكي للعدالة، الذي عمل على تنسيق التحويل اليمني، لم يتفاجأ باعتقال المظفري. وقال برمان لموقع "انترسبت" باللغة العربية: "قد يتعرض بعض رفاقه العائدين للاختطاف والاختفاء القسري، خاصة وأن اليمن في حالة حرب وفوضى". وأضاف برمان أن "معظم الرجال العائدين ينتمون إلى مناطق تسيطر عليها جماعات مسلحة لا تحترم القانون وحقوق الإنسان"، في إشارة إلى الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

نظرا لأن أمريكا اشتبهت في تورط معتقلي غوانتنامو السابقين مع القاعدة، فإنهم معرضون لخطر الاختطاف والاختفاء والاغتيال داخل اليمن. وسجن الإماراتيون أيضا مئات اليمنيين المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم القاعدة أو داعش، وفقا لوكالة أسوشيتيد برس. كما يتم استهداف معتقلي غوانتنامو السابقين العائدين إلى اليمن من قبل القاعدة للتجنيد.

بعد انتخاب أمريكا لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي، تعهد الرئيس جو بايدن "بتعزيز مساءلة الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان" و"مواصلة العمل بلا كلل لدعم الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين في الخطوط الأمامية للصراع الدائر بين الحرية والاستبداد". سلط خطاب بايدن الضوء على قدرة أمريكا الفريدة على المناداة بحقوق الإنسان بينما تقوم هي بانتهاكاتها وإهمال ضحاياها حديثي العهد.

قالت ألكا برادهان، مستشارة حقوق الإنسان في غوانتانامو لـ"انترسبت": "بعد تعذيب هؤلاء الرجال واحتجازهم بشكل تعسفي لعقود من الزمن، تقع على عاتقنا مسؤولية قانونية وأخلاقية للتأكد من تجنيبهم أي انتهاكات أخرى لحقوقهم في البلدان التي نختار إرسالهم إليها. وتحتاج أمريكا إلى مساءلة الإمارات علانية حول مكان وجود الرجال وكيف يخططون لضمان سلامتهم".

وأوضح منصور العديفي، المعتقل السابق في غوانتنامو، أنه بخلاف السلامة الأساسية، لم يحصل معظم معتقلي غوانتنامو السابقين على خدمات إعادة التأهيل أو التعويضات المالية أو فرصة العيش "كشخص عادي".

بعد 14 عاما في السجن، أُجبر العديفي، وهو يمني، على الذهاب إلى صربيا ضد إرادته في عام 2016. وقد أطلق على حياته هناك اسم "غوانتانامو 2". لطالما تحدث المعتقلون السابقون علنا عن المضايقات والمراقبة والوصمة المستمرة التي يجلبها لهم غوانتنامو.

قال العديفي: "ما زلنا نعاني من القيود.. لا يمكننا السفر. لا يسمح لنا بالعمل. غير مسموح لنا بالحصول على وثائق سفر أو رخصة قيادة.

أضاف العديفي، المنتسب الآن إلى مجموعة الدفاع عن السجناء CAGE كمنسق لمشروع غوانتنامو، إنه بدون ضغوط من أمريكا، لن يتغير شيء.

استمرار أهوال الاعتقال التعسفي في غوانتنامو في تعريض حياة الرجال الذين مروا عبر أبوابه الملفوفة بالأسلاك - والـ 39 الذين ما زالوا رهن الاعتقال - هو إخفاق لكل من الصحافة والحكومة الأمريكية في التعامل بشكل مناسب مع الانتهاكات التي حدثت في أعقاب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر.

قالت برادهان: "يبدو أن سياستنا هي أنه طالما أننا نتعامل مع رجال مسلمين، فلن يهتم أحد بما يحدث لهم.. لقد راقب الكثير منا طوال 20 عاما هذه السياسة التي أفقدتنا كل المصداقية".

في الواقع، يبدو أن معظم الأمريكيين الذين يدركون أن سجن خليج غوانتانامو لم يُغلق أثناء إدارة أوباما، يؤيدون بشكل مثير للدهشة مركز الاحتجاز غير الدستوري لأجل غير مسمى. حقيقة أن معظم المعتقلين كانوا أبرياء تماما وتم بيعهم ببساطة إلى وكالة المخابرات المركزية مقابل أموال المكافآت في البلدان الفقيرة، لا يزال يساء فهمها عن عمد. من بين 780 معتقلا كانوا محتجزين في غوانتنامو، اقترب ستة رجال فقط من المحاكمة في المحكمة العسكرية، وخمسة في جلسات استماع سابقة للمحاكمة لتورطهم في 11 أيلول/ سبتمبر.

ترك الإخفاق المحلي في مواجهة إرث غوانتنامو الباب مفتوحا لإدارة ترامب لإهمال المعتقلين السابقين، حيث كانوا يقبعون في سجون سرية دون رعاية صحية كافية.

بالنسبة لعائلة المظفري، أصبحت هذه مسألة حياة أو موت. قال أمين: "ليس لدينا خيار سوى المتابعة مع السلطات في صنعاء.. نحاول أن يشرح الوسطاء حالته النفسية والعقلية، لكننا لم نحصل على أي وعد نهائي حتى الآن بالإفراج عنه".

 

عربي21

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص