2025-01-08 الساعة 08:45م
كلما انغمست الجماعة الحوثية في تكريس طابعها الطائفي سلطتها والجهوية، زاد النفور منها على أسس مذهبية وجهوية.
والطائفية تنطوي على العنف الرمزي والمادي بسبب سياسة التمييز والاستعلاء. تمتلك اب إرثا ثقيلا من المظلومية والانتفاضات في التعامل مع الإمامة عبر التاريخ ولأنها محافظة تماس مذهبي بين الشافعية والزيدية فإنها أكثر حساسية من غيرها تجاه حملات التأديب القمعية الإمامية وغارات النهب القبلي بصكوك إمامية باسم الخطاط.
لم تكن إب عاصمة لسلطة زيدية في يوم ما لكنها كانت مشاعاً للسلطات ومحور تغيير خارطة القوة الاجتماعية.
ولهذه المحافظة دور محوري في قيام النظام الجمهوري و نهوض الثورة على الإمامة في القرن الماضي. لقد منحت إب اليمن فيلسوف الثورة وهو الدعيس وانجبت حكيماً سياسياً هو القاضي الارياني.
لكل منهما مرحلته بعيوبها وجمائلها.
لكنها الآن تخضع بكاملها للسلطة الحوثية وهي معمل نشط لسلوك الحوثيين القمعي والمتعسف جهويا وسلالياً - ومثلها إلى حد ما منطقة الحوبان في تعز وتساويها وربما اكثر محافظة الحديدة - ورد فعل شعبي يغتلي على الدوام.
تدور فيها مقاومة شعبية لم تتوقف بدءً بمقاومة منطقة "الشعاور والاهمول" التي صمدت وحيدة حتى سُحقت بعنف قبل أعوام. ومن إب ظهر البطل المُكّحَل الذي كان اعزلا وشجاعا ليتحدى الأطقم المدججة ومات غيلة.
في العادة يوصم الحوثيون خصومهم بالأرهاب، وهم هكذا يتعاملون مع المحافظات غير الخاصعة لهم وإذا غابت مفردة الإرهاب ومرفقاتها كالدواعش قالوا عن الآخرين مرتزقة وعملاء. وهذه طريقتهم في الاغتيال المعنوي. لكن طالما وإب تحت أيديهم يصعب عليهم وصمها بالإرهاب، لذا يلجأون إلى اسلوب آخر.
إب اول المحافظات مرشحة للخروج من ربقة الحوثي في أي صدام عسكري قادم. لذا من وجهة نظر حوثية لا بد من خلق ضمير إبي معذب بالإدانة الذاتية والشجب الأخلاقي.
الخمور منتشرة في كل اليمن. ليست الخمور فقط لكن المنبهات والمؤثرات العقلية وحبوب وأدوية وعقارات ممنوعة. التهريب في أوج قوته الآن.
والجماعة التي تحكم ولا تملك رصيداً حقيقياً في تأمين الخدمات تذهب إلى تحسين صورتها بأنها تكافح الرذيلة وتحافظ على المجتمع من الإنحلال. مختلف سلطات الأمر الواقع تعمل ذلك في اليمن. موخراً قامت ألوية تابعة للعمالقة باستعراض إيقافها شحنة خمور مستوردة.
لكن إب حالة خاصة.
من حين إلى آخر تظهر صور مداهمة معامل شعبية لتصنيع الخمور في محافظة إب. ينتشر الأمر ليتحول إلى إدانة رمزية للمحافظة وإسقاطها في الذهنية العامة أخلاقيا بحيث أن أي تحرك منها يكون مداناً سلفاً.
لا أحد يتوقع ثورة أخلاقية من مخمور. هكذا سيفكر الناس.
هذا الأسلوب هو حرب معنوية وتحضير لسحق قادم للمحافظة. كانت هجمات الأئمة تسبقها تجهيزات معنوية ودعائية تجعل الغريم خارج عن الملة لا يلتزم بالشريعة ويمارس كل أشكال الرذائل. هناك توثيق لهذه الحرب الدعائية في أشعار وصفحات كاتبي سير الأئمة.
إب الآن هي موضوع دعائي يغتالها ويعطل ملكات الرفض بان يعاقب الكل بافعال الجزء.
* (من صفحة الكاتب على منصة إكس)