2016-04-15 الساعة 10:50م
مسافات قصيرة تفصل كلاً من العراق وسورية واليمن وليبيا عن السقوط إلى الهاوية. هي لحظات معدودة من عمر كل من البلدان العربية الأربعة، قبل أن تدخل في دوامة الخراب الشامل الذي لا عودة منه، إذا لم يتم تدارك الموقف والتقاط الفرصة الأخيرة التي تلوح في الأفق.
في العراق، هناك قدر هائل من الفشل عمره 13 عاماً، يعود إلى يوم الاحتلال الأميركي لهذا البلد. فشل على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية كافة، والنتيجة الماثلة للعيان اليوم هي صورة بلد مريض، منهوب ومنقسم على نفسه طائفياً، إلى حد أنه لم يستطع أن يشكل حكومة محاصصة طائفية، بسبب أنانية زعماء بعض الطوائف الذين لا يريدون تجاوز حاجز النزاع الطائفي، والتلاقي مع الطوائف الأخرى في منتصف الطريق، من أجل تسوية تمنع البلد من الانهيار.
أما سورية، فإن وضعها بات أكثر مأساوية من حال العراق، فالعراقيون، على الرغم من كل ما أصابهم من ويلات وكوارث، لا يزالون يجلسون مع بعضهم من أجل الحوار، على عكس السوريين الذين ألحق بهم نظام بشار الأسد نكبةً لا مثيل لها في تاريخ البشرية. وتلوح اليوم فرصة من أجل تسويةٍ لوقف القتل وعودة المهجرين، لكن الأسد لا يزال يتصرّف وفق منطقٍ لا يأخذ في عين الاعتبار حجم الخسارة التي ألمّت بالسوريين على يده، ولا أمر يشغله سوى أن يعود إلى الحكم من الصفر. ويمكن لمباحثات جنيف التي تبدأ جولة جديدة اليوم أن تشكّل مدخلاً إلى طريق سوري للخروج من النفق، في حالة واحدة، هي أن يتم إخراج الأسد من المعادلة السورية.
وفي الحالتين، اليمنية والليبية، تبدو المشكلة أقل تعقيدا حتى الآن. فاليمن الذي خسر الكثير جرّاء تحالف علي عبدالله صالح والحركة الحوثية، هناك فرصة تلوح أمامه اليوم في المباحثات التي يجري التحضير لانعقادها في الثامن عشر من إبريل/ نيسان الحالي في الكويت. وبدت في الآونة الأخيرة بادرتان على طريق الحل، هما نجاح الهدنة نسبيا، وتوافق الأطراف الإقليمية والدولية على ضرورة وقف الحرب والعودة إلى الحوار. وهذا لا يعني نهاية المطاف، لأن القضايا المطروحة على طاولة البحث ليست من النوعية التي يمكن حلها بسرعة، تحتاج إلى تفاهمات متعددة الأطراف، محلية وإقليمية ودولية، لكن الأساس هو توفر إرادة الحل، ومن بعدها فتح باب التسويات حيال كل القضايا، من دون اللجوء إلى السلاح. ليست مشكلة اليمن سهلة، لكن الضربة التي تلقاها المشروع الإيراني في بدايته تجعل التوصل إلى حل أقل كلفة، وهذا ما يفسر تصلب طهران في سورية والعراق.
وفي ليبيا، سارت قاطرة الحل بسرعة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، وأبرز المحطات التي تحققت انتقال حكومة الوفاق إلى العاصمة طرابلس، بعد تفاهمات عربية ودولية على ضرورة الحل. وبعد أن بدأت العقبات تتذلل أمام الحكومة في العاصمة، بقيت أمامها عقدة نيل الثقة من برلمان طبرق، وهذا الأمر بات مبرمجا يوم الاثنين المقبل، ما لم يقلب خليفة حفتر الطاولة، لأن حسم وضعه إحدى العقد التي تواجه حكومة الوفاق في الشرق، وحتى اليوم، لا يبدو أنه في وارد الرضوخ للضغوط التي أنتجت المعادلة الأخيرة، لكنه لا يملك مقومات التعطيل إلى أمد بعيد، وستحترق أوراقه، إذا توفرت الجدية الإقليمية والدولية لانتشال ليبيا من الفوضى.
على الرغم من هذه الخارطة المتشظية، هناك أمل لكي توقف البلدان الأربعة مسيرة الانتحار الذاتي، وتعلي من شأن الحوار طريقاً وحيداً من أجل بناء مستقبل ديمقراطي لكل المكونات، وإلا ستكون نهاية هذه الدول، وقيام دولة داعش بلا منافس، ومن دون كلفة.
نقلا عن موقع العربي الجديد