2016-04-17 الساعة 01:18م
ما الذي سيفعله الفريق (محسن) في اليمن !
– الأمر كما يلي :
.. عاد الجنرال اليمني علي محسن الأحمر لإنهاء الحرب الأخيرة والحاسمة مع الحوثيين ، هكذا بكل بساطة يمكننا تفهم طبيعة تواجده السياسي والعسكري على رأس الهرم المساند للرئيس عبدربه منصور هادي .
– مطمئنون بكل أريحية لعودة هذا العجوز القوي الذي طالما شعرنا تجاهه بمشاعر متناقضة ، فمثله لا يستطيع أن يكتم حقيقة ثأره الشخصي من الحوثيين الذين إعتقدوا أنهم إنتصروا بإخراجه من اليمن في سبتمبر 2015م ، وهو الذي وصل إلى رأس زعيمهم السابق حسين بدر الدين الحوثي وقتله جنوده ، إلا أن الجماعة لم تكن لتموت بمصرع مؤسسها في الحرب الأولى التي أدارها الفريق محسن بإخلاص وشجاعة أزهرت عودة الدولة ونهاية التمرد .
– وجد علي عبدالله صالح أن هذه الحرب ليست تلك التي كان يريدها لإبتزاز السعوديين وإفشال “محسن” بعد أن ارتفعت أسهمه في الشارع اليمني ،وتحوله إلى بطل عسكري قد يفوق بذلك نجل صالح ،وهو المهدي الذي ينتظره أبوه ليتولى الرئاسة بعده .
– قيل لي والقول للرئيس هادي في لقاء جمعنا بمضافته في قصر المؤتمرات بالعاصمة السعودية الرياض أن “صالح” كان يُـرسل الأسلحة للجنرال محسن ومثلها للحوثيين ، ولما تقترب هزيمتهم ، ينقذهم الرجل بسلام متقطع ، ثم يدفعهم خلال فترة الهدنة لتكسير عظام القوى القبلية والعسكرية من الموالين له أو لمحسن في محافظة صعدة !.
– لا يستطيع أكثر العارفين ببواطن العُـقد النفسية تفسير مواقف صالح تجاه جزء أصيل من جيشه دفعه للقتال في معارك كان يديرها عليه بنفسه ، وبإستخدام قفاز الحوثيين الذين يحمدوا له مهمته الكبيرة ، وخطته الواسعة والمعقدة لإيصالهم إلى صنعاء ، ومنها إلى عدن حيث اشتعلت عاصفة الحزم لإنقاذ رئيس يحاصره سلفه بمئات القذائف والصواريخ والعربات المدرعة ، وطائرات الإف16 .
– حرصت المملكة العربية السعودية على عدم إرتباط إيران بخلية الحوثيين التي تمددت خلال فترة حكم صالح ، وكان الرجل جاداً في جعلها مصدر إبتزاز واضح للمملكة ، أوحى إليهم أنه القوي الأمين الذي لن تنَـفذ إيران من خلاله إلى عصابة الحوثيين ، ولما أدرك السعوديون أن صالح ليس مأمون الجانب وأنه يحاول خداعهم ، تركوه لمصيره مع شباب الربيع العربي الذين هزوا عرشه القائم على رؤوس الأفاعي ، لكنه إستجداهم ، وكانت مبادرة الخليج العربي التي أنقذته من مآلات لم يكن يستطيع حسابها مع قوة مفاجئة وغاضبة ظهرت من الشارع لتطالب برحيله العلني .
– الحرب لم تكتمل فصولها ، إعترف علي عبدالله صالح بعد خروجه من الرئاسة لصديقي نجيب السعدي أنه سيُـسلح الحوثيين ! ، وكان ذلك يعني أنه سيمارس حربه الجديدة على اليمنيين مباشرة ، وأن بوصلته التي كان يديرها من صنعاء بإتجاه صعدة صارت معكوسة ، وأن على السعودية مرة أخرى أن تعيده إلى الحُـكم عبر نجله “أحمد” ليكف عن هذه المقامرة الخطيرة.
– أراد علي عبدالله صالح الإحتفاظ بقوته وإنهاك قوى بقية خصومه ، وكان على رأسهم الجنرال محسن ، وحميد الأحمر ، وحزب التجمع اليمني للإصلاح ، وهم فقط من سيعترض على وصول إبنه أحمد إلى رئاسة دائمة تُـعيد كبريائه بالمجد والسلطة ، كان يعتقد جازماً أنه سيكون “ديغول اليمن” ، فيأتي إليه الناس لإعادته إلى الرئاسة ، وقد كان له ذلك ، إلا أن معادلة الحوثيين الصعبة أبقته بعيداً عن التقارب المفروض مع خصومه السابقين .
– ما يهمنا اليوم أن كل تلك الحسابات الشريرة التي ضحّت بعشرات الآلاف من اليمنيين – جنوداً ومواطنين – خلصت إلى وعاء الحوثيين ، فاستفادوا منها واستولوا على اليمن ، وصادروا قوة كل من وقف أمامهم معترضاً على تمددهم السافر ، وحين غادر الجنرال علي محسن إلى العاصمة الرياض كان يقف منتظراً إستقبال ضيف كبير آخر ، ولم يتوقع الجميع أن يكون هذا الضيف هو الرئيس عبدربه منصور هادي مع رئيس وزراءه وأعضاء حكومته وأركان النظام ومئات الصحفيين ورؤساء الأحزاب الذي هاجروا وقد تداعت البلد وبقي “صالح” على أطلالها يقهقه كمجنون قطع وريد ذراعه الأيسر ، معتقداً أن دمه سيروي الأرض التي أستحالت خراباً ودمارا .
– الحوثيون يزرعون الألغام بكثافة في المناطق التي يخسرونها ، يعرفون أنهم لن يعودوها مجدداً ، المهزومون والعصابات والمرتزقة الذين يمارسون تصفية عرقية على أبناء وطنهم الضعفاء هم من يفعلون ذلك ، ولا يبالون . وقد كان الأمر على هذا الحال من القوة التي اشتركت فيها دول التحالف العربي لتصحيح الوضع وإنقاذ اليمن من خاطفيه ، وليس كل مافي الحرب من صراع يقع على عاتق الجنود ، فقد يكون للسياسة باباً ننفذ منه إلى صنعاء ، وذلك هو نفسه ما جاء بالفريق علي محسن الأحمر ليكون نائباً لرئيس الجمهورية ، ونائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة ، ومن لم تأت به السياسة تُـقربه فوهات البنادق طوعاً أو كُـرهاً ، وهذه بالضبط مهمة علي محسن الأحمر ، إكمال الحرب على الحوثيين التي حرص علي عبدالله صالح في إسعارها كلما خبت ، لكنه اليوم لم يعد حليفاً مؤتمناً ، بل صار عدواً ضعيفاً لم يجرؤ على إعلان أنه القائد الحقيقي لحرب إستنزاف على بلده إستمرت 12 عاماً ، وقد جاء الرجل الذي فاز في الجولة الأولى ليعيد تصحيح النتيجة وإنهاء الجولة الأخيرة بالضربة القاضية .
..وإلى لقاء يتجدد
من صفحة الكاتب على الفيسبوك