أهم الأخبار
عبدالوهاب العمراني

عبدالوهاب العمراني

السلام في اليمن لولا السراب لمات الظمآن يأساً

2016-05-01 الساعة 02:43م

يتداول اليمنيون بسخرية مفردة كررها الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون بأنه أكثر من مرة عبّر عن (قلقة) إزاء جملة من القضاء في بؤر ساخنة ومنها الحرب في اليمن  ويسقطون تلك الرؤية للتفاؤل (المتكرر) لمبعوثها ألأممي لليمن السيد ولد الشيخ فرؤية كلاهما تعكس حالة الإحباط والتعثر لهذه المنظمة التي فشلت في إيجاد حلول لأكثر من بؤرة مشتعلة في اليمن وسوريا وليبيا وسواها .

ومن هنا فسلوك طرفي الانقلاب منذ الوهلة الأولى لمحاولات إيجاد حلولاً سلمية لهذه الحرب المدمرة يثبتون عكس ذلك لأنهم ببساطة يعشون على الأزمات فهم يسوغون رؤيتهم على من زاوية مفردة ( العدوان) والذي هو نتيجة وليس سبب وتحصيل حاصل لتراكمات فشل تكوين دولة مؤسسات منذ عقود مضت ، ولهذا فأن هذه الحرب قد منحتهم طوق نجاه ومسوغاً لتبرير رؤيتهم على خلفية إخفاق الشرعية سواء قبل الحرب بتأمر الدولة العميقة وتواطئ أركانها تصاعد طموح الميلشيا او خلال هذه الحرب التي كانت نتيجة لتأمر الداخل أكثر منها مسوغ خارجي

 ومن هنا فالشعب اليمني اليوم بين مطرقة انقلاب فاشل وشرعية ضائعة ، ورغم ذلك لا ينبغي أن يهرول الجميع لحلول ارتجالية فتجريب المجرب ضرباً من الحماقة ، ويكفي إخفاقات المبادرة الخليجية التي أبقت الرئيس السابق يعبث بمستقبل اليمن إلى اليوم.

غدا واضحاً بأن طرفي الانقلاب لن يقبلوا بتطبيق القرار الدولي لأنه باختصار انتحار ناعم ونهاية دبلوماسية لمستقبلهم فبداهة لا يعقل ان يسلمون رقابهم بدليل أنهم يضعون العربة أمام الحصان فإصرارهم على تشكيل حكومة تقاسم السلطة لان التوافق يعني إعادة إنتاج الفاسدين من خلال (محاصصة مقنعة)  بنكهة طائفية وشرعنة انقلابهم  وإدخالهم لحظيرة الدولة الهشة أصلا والذين ساهموا بالقضاء عليها وصياغة سلطة غير متجانسة تنسف كل نتائج الحوار لعام كامل بل وتقضي على كل المرجعيات السابقة بمعنى حكومة (شراكة) تحمل بذور فنائها في طياتها فإذا حوار لعام كامل أفضى لسقوط صنعاء وأفضى لحرب أكثر من عام فكيف بهكذا (توافق) مفترض ان يحل كل هذه التعقيدات المتداخلة فالإشكال بداهة ليس سياسي ولكنها محاولة فرض شرعنة الانقلاب بصيغة توافقية على نظرية (قسمة ضيزى) !

ووفق رؤية طرفي الانقلاب يُراد من مشاورات أن تكون نسخة مُكررة من إتفاق (السلم والشراكة) والذي وقع تحت ظلال السيوف وعلى السنة الرماح ورغم ذلك كان الحوثيين أنفسهم أول من نقضوه فلم نرى لا سلماً ولا شراكة لافتراض ان له شقين سياسي وأمني ، تم تطبيق الشق السياسي إلى حد ما كتمويه سوا من خلال تشكيل حكومة وإشراك الحوثيين في الرقابة على مخرجات الحوار وبعض التعيينات السياسية ، لكن لم يتم تنفيذ الشق الأمني وهو تسليم الأسلحة والتوقف عن إسقاط المدن والتصعيد العسكري ، بل وحتى الجانب السياسي تم إجهاضه بوضع أعضاء الحكومة تحت الإقامة الجبرية !

ويُراد  أيضاً لهذه الميلشيا أن تشرعن وتكون على الأقل بصيغة أو بأخرى على خطى حزب الله في لبنان أي تسلط بدون سلطة وهذه هي خطتهم أصلا لولا ان الأحداث جرت في غير تخطيطهم عندما فاجئهم الرئيس هادي بالاستقالة بعد استقالة رئيس الحكومة ألذي فرضه الحوثيين أنفسهم خالد بحاح الأمر الذي جعلهم يهرولون للأمام في خطوات غير مدروسة أربكت حلفائهم إيران وخلطت الأوراق وقلب المشهد السياسي رأسا على عقب !

وأجمالاً فمشاورات الكويت هي فخ لإعصار مؤجل للشعب اليمني فالرأي العام اليمني المتنور غدا مدركاً  بأن بقاء ما يسمى بسلطة الأمر الواقع هو خيراً لهم من الانزلاق لحلول إرتجالية وتوافق هش !

لان التوافق يعني المحاصصة السياسية بنكهة طائفية وشرعنة للانقلاب وإدخالهم لحظيرة الدولة الهشة أصلا والذين ساهموا بالقضاء عليها وصياغة سلطة غير متجانسة تحمل بذور فنائها في طياتها فإذا حوار لعام كامل أفضى لسقوط صنعاء وأنتهى بهذه الحرب فكيف بهكذا (توافق) مفترض أن يحل كل هذه التعقيدات المتداخلة فالإشكال بداهة ليس سياسي ولكنها محاولة المجتمع الدولي بفرض ورقة الحوثيين لمقارعة القاعدة والذي قد تم سحب البساط منهم بعد العملية العسكرية الأخيرة في حضرموت ، وعليه فأن أي توافق بصيغة (قسمة ضِيزى) ما هو إلا تراكم لحلول ارتجالية ليس إلا !

 لعلة من غير المصادفة تقديم رؤية الانقلابيين لتطبيق قرار الأمم المتحدة في مقترحات نظرية متزامناً مع أفعالهم على الأرض في أكثر من جبهة لعل آخرها إقحام معسكر العمالقة صبيحة اليوم الأول لشهر مايو وكأن سلطة الأمر الواقع أبدت رؤيتها قولاً وفعلا وهو ضمن جملة مؤشرات تعكس حالة اليأس والقنوط لطرفي الانقلاب فاستمرار قصف ومحاصرة تعز وخطاب المخلوع كلها في المحصلة رسائل متزامنة سواء كانت مدروسة اأو تعكس تخبط ملموس إلا إنها في كل الأحوال تسرع بنسف مشاورات الكويت ، وعلى خلفية هجوم الميلشيا على المعسكر المذكور لم يشير أحد بأن على المجتمع الدولي الوقوف عند هذه التفاصيل لإدانة واضحة لطرفي الانقلاب فيفترض من معسكر بعتاده في هكذا ظروف  ان يكون على أتم الاستعداد ليس فقط للهجوم إحتراماً للهدنة بل على الأقل للدفاع عن نفسه ومنتسبيه من هكذا هجوم مفترض وواقع فعلاً وإلا  فهو أشبه بمخيم للنازحين! وفي هذا السياق وفي هذه الجزئية فقط في حالة اقتحام المعسكر يفترض للراصد لانتهاكات الانقلابيين ان يسلط الضوء على هكذا حالات لأنها تمثل احد الانتهاكات الصارخة المفضوحة وتحسب نقطة لصالح الشرعية التي بتحملها وصبرها لنحو أسبوعين من التفاوض يسحب البساط وذريعة طرفي الانقلاب مزاعم الحلول السلمية فحسب منطقهم أن ما أخذ بالقوة قد يكون آخر العلاج الكي وتنسف هذه المشاورات وتجبر الحكومة الشرعية على حسم الأمر عسكرياً وقديما قالت العرب رب ضارة نافعة ، ونجاح لقاء الكويت الوحيد هو صموده ولعل نجاحه المتوقع يكمن في فشله !

* كاتب وسياسي يمني

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص