أهم الأخبار
علي الفقيه

علي الفقيه

الرجل المتفائل جداً ومفاوضات تدور حول نفسها

2016-05-13 الساعة 07:27م

منذ ما يزيد على ثلاثة أسابيع والمفاوضات تسير في ذات الدائرة المغلقة، تصدر ضجيجاً وتنتج حركة لكنها لا تبرح مكانها.

لا يوازي حركة هذه المفاوضات إلا تفاؤل المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ الذي ما فتئ يعبر عن تفاؤله الشديد منذ قبل انطلاق المفاوضات.

ومع أنه لا معطيات حقيقية تدفع ولد الشيخ إلى التفاؤل إلا أنه مستمر في تسويق الوهم والترويج لتفاهمات وتقدم ليس له أساس من الصحة.

كان ولد الشيخ في آخر إحاطة قدمها لمجلس الأمن يردد بثقة بالغة عبارة “إن اليمن باتت اليوم أقرب إلى السلام من ذي قبل” فظننا، وبعض الظن إثم، أن الرجل بتحركاته المكوكية واجتماعاته المكثفة مع كل الأطراف تلقى تأكيدات من مختلف الأطراف على رغبة جامحة في السلام وعزم على إنهاء الصراع مهما استدعى الأمر من تنازلات.

ومع مرور الأيام ومن خلال متابعة تفاصيل مجريات المفاوضات، اتضح لنا أن ذلك التفاؤل والتصريحات المكثفة عن قرب التوصل للسلام ليس لها من دافع سوى رغبة الأطراف الدولية في سحب الملف اليمني من محيطه العربي وإنهاء الصراع بأي كيفية حتى لو كان سلاماً هشاً تعود بعده ساحة لحرب منسية يخوض فيها اليمنيون جولات صراع أشد ضراوة دون أن يلتفت لهم أحد.

نتابع الأخبار والتفاصيل المتعلقة بمفاوضات الكويت، كوننا بالقرب من المتفاوضين، لكن النتيجة الإجمالية، أنه وباستثناء الرؤية التي قدمتها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع، فإن ما تم إنجازه لا يتعدى الشكليات من اجتماعات يومية وتشكيل لجان بحسب التقسيمات التي تضمنتها رؤية الأمم المتحدة.

كان إصرار المبعوث الأممي على المضي قدما في المشاورات يجعله يقفز على أي نقطة يتوقف النقاش عندها، ظناً منه أنه يمكن تجاوزها إلى ما بعدها، ما جعل تلك الثغرات التي تركها مفتوحة في مسار المشاورات تبقى مفتوحة لالتهام ما يتبعها.

فحين عجز ولد الشيخ عن إقرار جدول أعمال المشاورات بعد أربعة أيام من انطلاقها قفز إلى المرحلة التالية المتعلقة بالإطار العام للمشاورات وطلب من وفدي الحكومة والإنقلابيين رؤيتهما لحل الأزمة، وحينها استمع للرؤيتين المتناقضتين كلياً وفي اليوم التالي قدم رؤية الأمم المتحدة وطرح فكرة تشكيل اللجان وبدلاً من نقاش الطرفين حول هذه الرؤية والاستماع لاعتراضاتهم رفع الجلسة موصلاً رسالة أنه ليس أمام الجميع إلا الموافقة.

وافق الوفد الحكومي على الرؤية رغم الملاحظات التي أبداها لكن رفض الطرف الآخر أعاق التقدم إلى الخطوة التالية المتعلقة بمناقشة التفاصيل من خلال اللجان المشكلة التي تنعقد جلساتها منذ خمسة أيام دون أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.

تفشل الجلسات نهاراً وتبدأ الضغوط والاجتماعات مساءاً حيث يشارك السفراء العرب والأجانب بفاعلية في محاولة للدفع بمسار المشاورات إلا أنهم لا يجدون من وفد الحوثي وصالح سوى وعود مطاطة لا تفضي في اليوم التالي إلى نتيجة.

آخر إنجاز وهمي هو قضية الإفراج عن المعتقلين حيث أبدى “باقزقوز” شبه موافقة على مقترح تم طرحه للإفراج عن كل من تم تقييد حريتهم بشكل عام بما فيهم القتلة، دون التمييز بين أسرى ومعتقلين، إلا أن الجماعة نفت موافقتها على هذا المقترح وقطعت على الرجل ”المتفائل جداً” مصدر تفاؤله

وكون المشاورات في دولة الكويت فإن ذلك يجعل الجميع يشعر بالحرج من الدولة المستضيفة ويمتنع عن الانسحاب أو المغادرة حرجاً من الدولة المستضيفة وذلك ما يطيل أمد المشاورات ويؤجل الفشل إلى وقت لاحق.

وبالتالي ليس أمام الجميع الآن سوى البحث في كيفية صياغة مشهد النهاية لجولة مشاورات عقيمة يمنح الدولة المستضيفة شعوراً بالإنجاز ويبقي الرأي العام اليمني على أمل بالتوصل إلى حل في جولة مشارورات قادمة، من الواضح أنها ستكون في الرياض، وسيكون نجاحها مرتبطاً بتغير موازين القوة على الأرض.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص