2015-02-16 الساعة 10:45م
رسخت إيران أقدامها فى اليمن بعد استيلاء الحوثيين على السلطة واستقالة الرئيس اليمنى منصور هادى وإصدار الحوثيين لما سموه إعلانا دستوريا لشرعنة انقلابهم وانفرادهم بالحكم تحت قوة السلاح، ودعا وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجى مجلس الأمن الدولى إلى إجازة استخدام القوة العسكرية فى اليمن لتسوية الأزمة السياسية ووصفوا ما حدث فى اليمن بـ(الانقلاب)، ورد الحوثيون أنهم لا يخشون التهديدات بإزاحتهم وقال محمد عبدالسلام، المتحدث باسم جماعة «أنصار الله»، التى تمثل الحوثيين الشيعة، إن اليمنيين فى سبيلهم لتقرير المصير، بعيدا عن التدخلات الخارجية، واعتبر أن مواقف بعض دول الخليج نابعة من البحث عن مصالحها السياسية وليست لمصلحة الشعوب المستضعفة.
على جانب آخر تم تداول أنباء صحفية عن احتمال تدخل سعودى- مصرى عسكرى لاستعادة السلطة فى اليمن وإجبار الحوثيين على العودة لمواقعهم أو الدخول فى معادلة سياسية متزنة. استراتيجيا لا يمكن أن تقبل مصر بأى تدخلات فى مضيق باب المندب، والتى ستؤثر بدورها على حركة الملاحة فى قناة السويس لذلك يمثل التحدى اليمنى المتفاقم صداعا فى رأس مصر التى يبدو أن كل الملفات الإقليمية ومخاطرها قد اشتعلت بشكل سلبى ككرة لهب ألقيت فى وجهها.
بمجرد الحديث عن الأزمة اليمنية الحالية يتم استدعاء المستنقع اليمنى الذى تورطت فيه مصر فيما عرف بثورة 26 سبتمبر أو حرب اليمن التى استمرت ثمانى سنوات من 1962 إلى 1970 حيث بدأت الحرب عقب انقلاب المشير عبدالله السلال على الإمام محمد البدر حميد الدين وأعلن قيام الجمهورية فى اليمن فهرب الإمام إلى السعودية وبدأ بالثورة المضادة هناك، وتلقى البدر وأنصاره الدعم من السعودية والأردن وبريطانيا، وتلقى الجمهوريون الدعم من مصر وجمال عبدالناصر الذى أرسل ما يقرب من 70 ألف جندى مصرى تم استنزافهم بسبب الدعم السعودى للملكيين إلى أن حدث الانسحاب المصرى من اليمن التى شبهها البعض بأنها فيتنام مصر التى سقطت فيها ودفعت ثمنا باهظا ظهرت تداعياته فى هزيمة 1967.
اليوم مصر لا تحارب السعودية فى اليمن كما رأينا فى الستينيات، بل مصلحة مصر فى الاصطفاف مع الموقف السعودى والخليجى ضد التوسع الإيرانى الذى يهدد الجميع ولكن الاختلاف حول شكل هذا الاصطفاف، خاصة فى ظل المحاولات المستمرة لاستدراج الجيش المصرى فى ليبيا واليمن والعراق وغيرها من البلاد العربية التى تشهد حالات فوضى تهدد جميع دول المنطقة.
لا يمكن لمصر أن تترك إيران تعبث باليمن بهذه الطريقة الفجة ولكننا فى نفس الوقت لا نستطيع فتح جبهات حروب جديدة بالتوازى مع الحرب الدائرة فى سيناء، لذلك نحتاج لدراسة الموقف بمزيد من العمق والتمهل وإعطاء الجهود الدبلوماسية مزيدا من الوقت مع التلويح بورقة التدخل العسكرى الذى إن حدث لابد أن يكون ضمن إطار إقليمى عربى ومظلة دولية وبطلب اليمنيين أنفسهم، نحن للأسف لا نختار المعارك التى نخوضها ولكنها تُفرض علينا فرضا، ولكن علينا الانتباه إلى مصيدة الاستنزاف المنصوبة لمصر فى جبهات مختلفة، ندفع اليوم ثمن تأخرنا فى حسم ملفات إقليمية عدة، ولكن لأن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا.