2016-07-15 الساعة 11:18م
ظل المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ يدير مفاوضات مطاطة لا أفق لها ولا هدف سوى إنهاك المتفاوضين وإيصالهم إلى القبول بالطبخة الجاهزة التي أعدت بعيداً عن الطاولة وقرر طرحها مؤخراً..
ثلاثة أشهر من عمر مفاوضات مرت دون إقرار سقف زمني، دون الإتفاق على جدول أعمال، دون تثبيت المرجعيات، دون تنفيذ إجراءات بناء الثقة التي تم الاتفاق عليها في جولتي جنيف وبييل في سويسرا العام الماضي.
كل النقاط التي طرحها ولد الشيخ كان يرفضها وفد الحوثيين وصالح، بينما ظل وفد الحكومة يوافق على كل النقاط التي تطرح ومع ذلك كانت الضغوطات كلها على وفد الحكومة الشرعية.
غادر العاصمة صنعاء اليوم الخميس وفد الإنقلابيين بصحبة ولد الشيخ في طريقه إلى الكويت، بينما يشترط وفد الحكومة ضمانات قبل العودة إلى الطاولة، إلا أنه سيعود دون ضمانات وسيلقى الطبخة الأممية مطروحة أمامه على الطاولة "أعجبه أكل ما اعجبوش يموت جوع"!
بعد ساعات من إطلاق الرئيس هادي تصريحات قوية خلال زيارته لمدينة مارب أعلن فيها رفض طرف الشرعية لأي خارطة طريق يتم طرحها بعيداً عن مضمون القرار ٢٢١٦ كان عبدالسلام فليته ناطق الحوثيين يؤكد أنهم عائدون إلى الكويت لاستئناف جولة المفاوضات في موعدها المحدد دون شروط مسبقة.
لم تكن تصريحات فليتة مجرد رد على تصريحات هادي أو تسجيل موقف وإنما قدمت إشارة على أن طرف الإنقلابيين اطمأن إلى أن جولة المفاوضات الجديدة باتت لصالحه بعد أن التقطوا الإشارة من الأمم المتحدة والقوى النافذة التي تتحكم بها.
في كل جلسة كانت تعقد في الكويت طيلة الثلاثة الأشهر الفائتة كان متحدثو الحوثيين يكررون نفس الكلام دون ملل ويعلنون أنهم يريدون تشكيل سلطة توافقية بديلة لسلطة الرئيس هادي ووقف ما يسمونه "العدوان" وإنهاء "الحصار".
في الجولة السابقة، حين كان الحوثيون وحليفهم صالح متوجسين يخشون أن تكون الأمم المتحدة جادة في تطبيق القرار ٢٢١٦، الذي يقتضي تسليم السلاح وإلإنسحاب من المدن وإنهاء الإنقلاب، تخلفوا عن حضور جولة المفاوضات لثلاثة أيام بغرض الحصول على ضمانات، ليلتحقوا بعد ذلك بالمشاورات معلنين أنهم تلقوا ضمانات من الدول الراعية للمشاورات.
وعلى الرغم أن الضمانات التي أعلنوا عن تلقيها لم تبدُ حينها أمراً جدياً إلا أن سير المشاورات وطريقة إدارتها أوضحت بشكل كبير أن لا رغبة لدى الأمم المتحدة والدول الراعية لعملية السلام في اليمن، في الضغط على الانقلابيين لتقديم تنازلات حقيقية من أجل تحقيق السلام.
ومنذ انطلاق جولة مشاورات الكويت في الثامن عشر من شهر إبريل الماضي كان وفد الحوثيين وصالح يرفض كل المقترحات التي طرحها المبعوث الأممي المشرف على المفاوضات وكان ينتقل من نقطة إلى أخرى بشكل غير منطقي وغير مفهوم إذ كيف يمكن للمتابع أن يفهم الدخول في صلب المفاوضات دون إقرار جدول أعمال ولا سقف زمني ولا تثبيت المرجعيات.
بينما كان وفد الحكومة الشرعية على الطرف الآخر من الطاولة المائلة يوافق على كل النقاط والمقترحات ابتداءاً من مقترح جدول الأعمال وانتهاءاً برؤية ولد الشيخ التي تتضمن تقسيم الفريق إلى لجان ومناقشة متزامنة وتنفيذ متزامن لبنود القرار ٢٢١٦ متخلين عن تمسكهم بفكرة المناقشة والتنفيذ التسلسلي لبنود القرار التي تبدأ بتسليم السلاح وتنتهي باستئناف العملية السياسية من حيث توقفت.
الخلاصة أن الجمود الذي يشهده الميدان وعدم إحراز طرف الشرعية تقدماً ملموساً خلال الأشهر الفائتة يمنح الإنقلابيين نقاط قوة ويعزز قناعة المجتمع الدولي بضرورة ابتكار حلول تنهي الوضع القائم في اليمن ولو كان نتيجة ذلك الانتقاص من/أو الإلتفاف على القرار الأممي ٢٢١٦، والذهاب نحو الضغط لتشكيل "حكومة وحدة وطنية" والبدء بعد ذلك في التحايل على نقاط الإنسحاب من المدن وتسليم السلاح.
استفاد الإنقلابيون من إطالة جولة المشاورات في إعادة ترتيب الأوضاع العسكرية في الميدان والتحرك دبلوماسياً لتقديم أنفسهم خارجياً كطرف يمكن التحالف معه، بينما تبدو استفادة الشرعية من هذا الوقت تكاد تكون منعدمة إن لم يكن بالسالب.
المصدر أونلاين