2016-09-08 الساعة 11:49م
قبل أيام التقيت بالرائد البطل علي العسودي، احتضنني مبتسما وهمس لي بأسئلته المعهودة عن اي اخ يلقاه، ولم يترك لي الفرصة لسؤاله عن حاله!
وكأنه يختصر الوقت ليقول بلسان القادم: لا تسلني عن شوقي للحرية التي يجب أن تتنفسها بلادي ولو كان الثمن دمي، فهو حلال على وطني كحليب الأم لصغيرها.
وها قد صدق قائدي الحبيب أبو الحسن، صدق ورحل مبتسما حين كان دمه الثجاج ينسكب ليغدق أرض مأرب بعصير الحياة وماء الكرامة.
وهنا يقول لي صديق: لماذا يرحل العظماء؟!
تذكرت حكاية "الوطن"..
وحكاية الوطن يعرفها الفلاحون، يطلقون على الأرض الخصبة التي تزرع كل الثمرات بوصف "وطن"، يرددها كبار السن في قريتنا وتعابير وجوههم فرحة، يدركون قيمة الوطن.
وحدث أن فلاحا خبيرا سمع أن احدهم يريد بيع "جربته" أو قطعة أرض زراعية، وكان الفلاح الخبير يعرف نوعية وجغرافية تلك الأرض، فضحى بأثمن ما لديه واشترى تلك القطعة، وقال لمن كان يلومه: هذه وطن!
يدرك الرجل قيمة التضحية من أجل وطنه، يفقه بحذق وحرص أن الخير قادم بحجم التضحية، وأن الثمرات ستغدق عليه من كل شيء زوجين.
ونحن يا صديقي ندرك قيمة وطننا وحريتنا وديننا وهويتنا!
هاجرنا من ديارنا ﻷننا نكفر بالاستعباد، ونرفض الذل ولا نقبل بالضيم ويستحال أن نقبل باحتلال وطننا ودولتنا مهما كلفنا من ثمن.
وندرك قيمة الوطن الذي كلما قدمنا أجود التضحيات، سيمنحنا أجمل مستقبل وأروع مستقر، فعلى قدر التضحية يكون القادم نباتا من دماء الشهداء.
فلا تحزنوا لرحيل العظماء، واستبشروا كلما تقدم القادة صفوف الشهداء فإن ثمرة الوطن ستثمر رخاءا وعدلا وحرية حمراء.
وهل اتاكم حديث دم الشهداء؟!
هي التضحية الأكرم التي لا يمكن أن تعادلها تضحية مهما بلغت مرحلة السخاء!
لو ضحى أحدهم بكل ثروته وكانت ثروته ملء الارض ذهبا فسيكون من أكرم النفوس سخاءا، غير أن لديه فرصة لتعويض تضحياته، وقد نعيد له بعض الجميل.
أما الشهداء يا أيها الاحرار، فهم أعظم النفوس سخاءا وتضحية وبذلا..
هم قوم يقدمون ارواحهم هبة رخيصة بلا مقابل، ولا انتظار شكر أو اعتراف بجميل، لا يهمهم ما يلحق بعد رحيلهم، ولا يؤملون في عوض عن دمائهم، بل يسكبون دماءهم بكرم باذخ ويرحلون مبتسمين من أجل الوطن.
يقولون لنا: عيشوا احرارا بعدما أروينا تراب بلادنا بدمائنا الحمراء القانية.
الشهداء أحباب الله، ضيوف الرحمن، رفقاء الأنبياء..
الشهداء يدركون قيمة الوطن، ويرحلون لنحيا، وبكل يقين أن تضحياتهم ستزهر وطنا حرا كريما..
المجد للشهيد، والوطن.