2017-02-13 الساعة 01:11ص
تعد ملحمة السبعين التاريخية منتجا يمنيا صرفا و امتدادا طبيعيا لنضالات اليمنيين و مقاومتهم المستمرة للطغيان و تأكيدا اصيلا للهوية الوطنية الجامعة وروحا وثابة لأبناء الوطن الاحرار و ستظل حاضرة في الوجدان اليمني ما تعاقب الليل والنهار راسخة في الذاكرة التاريخية للاجيال رسوخ الشم الرواسي
أشرقت شمس الثامن من فبراير 1968م بروح واضاءة و الق مشع و زهت كل ربوع اليمن الحبيب و زاحمت أكتاف الجمهورين أبراج الثريا و أعناق النجوم و على مشارف العاصمة صنعاء و عند عيبان الاغر سقطت متارس الكهنوت الأمامي تاركتا ضحاياها من المغرر بهم و عشرات المدافع و كميات كبيرة من العتاد المرتزق من اشتات الأرض و التحمت قوات النصر القادمة من تهامة مع تلك المرابطة على أسوار العاصمة بعد سبعون يوما من النضال و الرباط في واحدة من اعرق و أقدس ملاحم البطولة و الصمود في التاريخ الإنساني و التي بداءت افرازاتها من مؤتمر القمة العربية في أغسطس من العام 1967م المنعقد في الخرطوم و القائم على وجوب الانسحاب المصري وو قف الدعم بكل أشكاله عن فلول الامامة و عصابات القتل المستأجر من شذاذ الآفاق و الدعوة لاستفتاء شعبي على مهية و نوع نظام الحكم و تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة لكن الموقف الوطني للرئيس السلال رحمه الله الرافض للعودة عن الجمهورية ورفضه استقبال
ا للجنة الثلاثية برئاسة محمد محجوب رئيس الوزراء السوداني
و التي و صلت صنعاء في 3 أكتوبر 67م لتستقبلها الجماهير الهادرة بشعار الجمهورية أو الموت و واجهت تلك الجماهير رصاصات الموت بعزيمة اذهلت الوفد الذي عاد بانطباع مدهش عن إصرار اليمنين على الانتصار لثورتهم و التمسك بخيار الجمهورية أو الجمهورية و ترجع الخطوات الأولى لحصار صنعاء إلى شهر أغسطس من العام 1967م بقطع طريق الحديدة- صنعاء و عند انسحاب القوات المصرية بكامل أفرادها و أسلحتها و معداتها و مغادرة الخبراء الروس و جد الاحرار اليمانيون أنفسهم وحيدين في مواجهة جموع المرتزقة و مسانديهم من الدول المعادية لحرية و استقلال اليمن ناهيك عن ما تركه الانسحاب المفاجئ للقوات المصرية من فراغ و تفكك و ما كان قد طراء على الجسد الجمهوري من اهتراء سياسي و تمزق في اللحمة الوطنية
إلا أن الخطر المحدق بالجمهورية الوليدة ردم الهوة و لحم الشرخ
و جسر المسير فتم تجميع وتدريب الوحدات العسكرية الجمهوري التي تقارب الأربعة آلاف فرد لحماية العاصمة على أساس قاعدة الدفاع الضيق لتلافي خطاء ثورة 84م و تتمركز هذه القوات على النحو الآتي اللواء العاشر لحماية غرب العاصمة و ألوية الوحدة و العروبة من جهة الشرق و كتائب المظلات و الصاعقة كقوات تدخل سريع في كل الجبهات و قدم طلاب الكلية الحربية و كلية الطيران فصول رائعة من التضحية و الفداء
و حشد الاماميون لما أسموه بخطة الجنادل عدد من كبار القادة العسكريين الأجانب والذي يطلق عليهم مصطلح المغامرون في حرب اليمن و منهم الجنرال الأمريكي اليهودي بروس كندي مستشار البدر و قرابة ثلاثماءة خبير عسكري من اورباء و امريكا و ايران و سلحت بريطانيا عشرون الف فرد من القبائل و حشدوا سبعين ألف مقاتل قبلي و قرابة عشرة الف جندي نظامي قدمت العربية السعودية دعم لا محدود للقوات الأمامية
و عند مقاربة الفارق في القوات و الإعداد و التدريب و الإمكانيات و الذي يرجح لصالح الاماميون بشكل كبير و تفوق عالي إلا أن الاردة الوطنية للجمهوريين كانت فاعلة و حاسمة و مرجحة لعوامل النصر
بدأ الحصار الفعلي للعاصمة صنعاء في 28 نوفمبر 67 م بعد أن احكم الاماميون سيطرتهم على السلسلة الجبلية التي تمثل طوق محكم على العاصمة ونصبوا مدفعياتهم بعيدة المدى و قواتهم الحديثة و بدأوا بضرب المنشآت الحيوية و المواقع الهامة في كل الاتجاهات
استقر قائد حملة الإمامين محمد ابن الحسين في ضاحية حدة أربعون يوما يدير عمليات حصار صنعاء بإمكانيات مادية و بشرية هائلة وبداء هجومه الأول في مطلع ديسمبر على جبل جرة المشرف على مفرق ثلاث طرق رئيسية جنوب العاصمة سنحان ، خولان ، بني بهلول وتقدمت قواته و مرتزقته نحو دار الحيدري ، حزيز ، ارتل و استمر في تقدمه من كل الجهات حتى احكم الطوق على العاصمة مستفيدا من تعاطف معظم قبائل الطوق مع مشروع الامامة و جهلهم باضراره و مكنوناته القائمة على الجهل و التخلف و الكهنوت و مصادرة هوية و حرية و حقوق الشعب اليمني الضارب جذوره في اعماق التاريخ
حدثت مواجهات عديدة و ملاحم بطولية رائعة عززت من ثقة الصف الجمهوري بقدرته على الانتصار و دحر فلول المعتدين و مرتزقتهم الذي جلبوهم من شتى الدول و ظلت المعركة في كر و فر و اشتباكات من نقطة الصفر بالأسلحة البيضاء في احايين كثيرة
ومع تولي قيادات شابة و مخلصة للقوات المسلحة حيث تولى البطل النقيب عبدالرقيب عبدالوهاب رئاسة الأركان و النقيب البطل يحي مصلح مهدي رئاسة العمليات الحربية و العديد من القيادات الشابة لكل أفرع و وحدات القوات المسلحة اليمنية البطلة و المرفودة بمقاومة شعبية باسلة و بقيادة الفريق حسن العمري القائد العام للقوات المسلحة و عند اللحظات الأخيرة لشهر ديسمبر كانت صنعاء تعيش أقسى ذروة الحصار و التضييق إلا أن إرادة القتال و بسالة المواجهة وارتفاع وتيرة التضحية عند القيادات الشابة استعصت على محاولات ثنيهم عن المواجهة و الانتصار للجمهورية أو الموت على ثراء عاصمة المجد
و في يناير من العام 68م استبسل الجمهورين في ثلاث محاولات كبيرة لفك طريق صنعاء - تعز
بلغت مجمل العمليات و المعارك الحربية زها أربعين موقعة صمد فيها الجمهورين و بداءت المعادلة تتحسن لصالحهم رويدا رويدا
و مع الايام الاخيرة لشهر يناير تحسن أداء القوات الجوية الجمهورية مع دخول 30 طائرة روسية المعركة بطيارين يمنين و بمساعدة روسية سورية و سجلت هذه القوات المشكلة حديثا حضور فاعلا في المعارك الأخيرة و مع البواكير الاولى لشهر فبراير اطبقت حشود النصر و جموع الاحرار من صنعاء و تلك القادمة من الحديدة المقاربة على خمسة الف مقاتل بقيادة أحمد عبدربه العواضي أحد أبطال النصر و قيادات التحرر
وقد كان للمساعدات العسكرية و الاقتصادية و الدعم السياسي لكل من الجزائر و مصر و سوريا و روسيا و الصين دور جيد و تعزيز قدرات الصف الجمهوري على الصمود و الانتصار.