2015-02-28 الساعة 08:15م
وجه عبدالملك الحوثي، زعيم جماعة الحوثيين، في خطابه يوم الخميس كلمات نارية الی سفارات المجتمع الدولي والاقليمي التي اغلقت مكاتبها في صنعاء اعتراضا علی انقلاب جماعته ضد شرعية الرئيس هادي، قائلا: "السفارات التي اغلقت ابوابها ورحلت عن صنعاء، فليذهبوا." قبل ذلك وبعده، وجه الحوثي كلمات جارحه لهادي واصفا اياه تقريبا بعديم الشرف وبأنه مطية لتدخلات المجتمع الدولي في اليمن.
كلمات الحوثي فاقدة اللياقة في خطابه الماضي اظهرت الضغط الكبير الذي فوق طاقة احتمال الرجل ما أثر علی حصافة الرجل ليس كقائد سياسي وحسب، بل كقائد ديني في المرتبة الأولی. الحوثي، مثلا، لم يكمل عبارته الموجهة الی المجتمع الدولي الذي انهاها بكلمة "فليذهبوا". فليذهبوا الی أين؟! ربما اراد قول فليذهبوا الی الجحيم! أو اراد قول فليذهبوا والمعين الله!
هذا ليس مهما، ليس مهما ما يقوله الحوثي بخصوص السفارات، وليس مهما ما قررته تلك السفارات بخصوص وجهتها، فالامر برمته عبثي لا ينفع معه اي وقفة جادة للنظر او التحليل. ولكن من المهم، ملاحظة ما كتب علی الشريط الاخباري لقناة اليمن التي بثت خطاب الحوثي واصفة اياه بالسيد وبقائد الثورة الشعبية.
في الوقت الذي كان الحوثي يقول كلماته تلك او بعدها بقليل، كان الشريط الاخباري للقناة يقول: "اليمن يدعو المجتمع الدولي لتعاون الجهود من أجل مكافحة الارهاب واستقرار الوضع الانساني."
ظريف تزامن خطاب الحوثي المرتبك تجاه المجتمع الدولي مع كلمات الشريط الاخباري الداعية لتعاونه. الاكثر ظرافة، ان صاحب الدعوة للتعاون الدولي كما كان مكتوب علی الشريط هو: اليمن. لا اعرف من في اليمن؟! ربما اليمن عضو الأمم المتحدة، او اليمن عضو الجامعة العربية، او اليمن عضو المنظمة الاسلامية، او اليمن الجزء في الامة العربية والاسلامية والمجتمع العالمي، او اليمن الملتزم بميثاق الامم المتحدة- كما يؤكد عليه الدستور- ولم يلغ اعلان الحوثي الدستوري ذلك الانتماء ولا ذلك الالتزام.
عبارة "فليذهبوا" تلك التي رددها زعيم اقوی جماعة سياسية في اليمن، بل الجماعة الحاكمة بأمر الواقع، لم تستهتر بالمجتمع الدولي وسفاراته، بل بالعكس. لقد استهترت بنا كدولة وكشعب وانتهكت احد المبادئ الأساسية في دستور البلد. وان انتهاك دستوري كهذا، يعد خيانة وطنية في نظر القانون لا في نظر الحوثي وجماعته.
صدقا، لم أعد اتوقف كثيرا عند كلمات الحوثي او جماعته، لم اعد اخضعها للتفكير او المنطق خاصة عند القائهم التهم والاحكام هكذا شمالا وغربا وبخفة تصل الی الفضاضة بحق المجتمع الدولي الذي نحن جزء منه وملتزمين بعهوده ومواثيقه وهم كذلك يبادلوننا نفس الالتزام. او التي تصل الی التخوين والاتهام بالخيانة الوطنية ضد معارضي الحوثي وانداده الشخصيين. وبدلا من توريط نفسي في التفكير بكلمات الحوثي وجماعته وفك طلاسمها، توصلت الی حل بسيط للمعادلة: "العكس هو الصحيح".