2015-03-01 الساعة 11:31ص
هناك من يطالب المملكة أن يكون لها موقف راديكالي مما يحدث في اليمن من انقضاض على السلطة من قبل أنصار عبد الملك الحوثي وجماعته – وعلى كل حال- فللمملكة كامل الحرية في اختيار الموقف السياسي التي ترى أنه يناسب مصالحها ويتوافق مع توجهاتها وسياستها في المنطقة. ومن تلك الخيارات المطروحة: أن تنأى بنفسها عن كل ما يحدث في اليمن من صراع، وأهل اليمن أدرى بشعابها، فلا خير في دعم يُقابل صاحبه باللوم.
لا أعتقد أن عبد الملك الحوثي يستطيع الانتقال باليمن من طور الثورة إلى طور الدولة، فقد ابتلع لقمة أكبر من فمه، وشريكه الإيراني كما هو معروف من تاريخه، قد ينجح في دعم الثورات ويرصد الميزانيات لذلك، لكنه لن يتبنى اليمن، كما كانت المملكة تتبناه في الماضي وتداوي جراحه، فكل ذلك البذل لم نر من يقدره.
لم نر التقدير، لا في مكائد ودسائس علي عبد الله صالح الذي تم علاجه في المستشفى العسكري بالرياض وأشرفت على حالته لجنة طبية سعودية عندما أتى إلى المملكة على هيئة أشلاء ممزقة، حتى تصوّر الأطباء الذين عالجوه في الوهلة الأولى أنه لن يعيش -أو على الأقل- ستنتهي حياته السياسية، فما إن تعافى حتى عاد يحيك المؤامرات ضد الجميع، ومن ضمنهم المملكة التي أنقذت حياته.
ولا في عبد الملك الحوثي الذي سبقه والده بدر الدين الحوثي إلى إلغاء الفروقات الواضحة بين الجارودية / الزيدية والتشيّع السياسي الذي تعمل إيران بجديّة على نشره.
دعونا نستطرد هنا فنقول إن إيران وإن دعمت الثورة الأخيرة لكنها لن تتبنّى اليمن ولن تخطو خطوة واحدة إضافية للتورط في اليمن فأوضاعها الاقتصادية بعد انهيار أسعار البترول والخسارة الاقتصادية الثقيلة التي منيت بها لا تؤهلها لمزيد من التورط، خصوصا مع تنامي التيار القومي العلماني في إيران وسعيه لإسقاط حكومة الملالي في طهران ورغبته في سياسة تلتفت للداخل وتتخفف من أعباء الخارج.
وإن لم تختر المملكة سياسة النأي بالنفس، ورغبت في التدخل لإنقاذ اليمن، فالقبائل اليمنية هناك تستحق الدعم لكي لا ترمي نفسها في أحضان تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية المسلحة هناك، وتلك القبائل لا تقارن في عددها كثرة مع فخذ واحد من قبيلة واحدة هم جماعة الحوثي، فالحوثيون قد لا يصلون لعشرين ألف رجل في مقابل ملايين من القبائل العربية الأصيلة التي لم يتلطخ فكرها بالخطاب السياسي الثوري الفارسي.
ومن جهة أخرى، ينبغي أن أبرز قضية مهمة جداً، ألا وهي أنه ليس كل الحوثيين على مذهب بدر الدين الحوثي وأبنائه، والجارودية وإن كانت أكثر الزيدية راديكالية إلا أن هناك تاريخا بين الحوثيين من غير أسرة بدر الدين وأبنائه مع السعودية، وقد سبق لهم أن زاروا المملكة ونعموا بحسن الاستقبال والتكريم، والمتوقع أن يكون لهم موقف سياسي صريح يوضحون فيه أنهم ما زالوا يذكرون علاقات حسن الجوار، وأن سياسة عبد الملك الحوثي لا تمثلهم.