2017-06-20 الساعة 05:29م
الخصومات التي تجتاح المنطقة تحتاج إلى إعادة بناء أسبابها بصورة منهجية بدلاً من توسيع رقعتها على النحو الذي من شأنه ان يفتح الباب واسعاً أمام تحويل المنطقة إلى بؤرة لصراع لن يتوقف عند حدود بعينها.
إن إعادة بناء هذه الأسباب على نحو موضوعي سيخرس كل محاولة لإقتحام المنطقة بأدوات التفكيك التي جهزت منذ زمن بعيد وتنتظر الفرصة للتنفيذ.
لا شك أن هناك أسباباً وجيهة جعلت الوضع يأخذ هذا المنحى التصعيدي ، غير أن تجنيب المنطقة أي استقطابات تهدد كيانيتها يستوجب محاصرتها باستخدام الهياكل المؤسسية القائمة وميكانيزماتها والتي تجسد مصالح وقيم مشتركة لا يستهان بها ، وهي وإن بدت ضعيفة في إنتاج الحل أحياناً إلا أن هذا الضعف لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الإرادة الفردية والجمعية للدول التي تتكون منها هذه المؤسسات .
أقصد ب “الارادة”، باختصار ، مدى استعداد الدول على تفويض جزء من قرارها السيادي لهذه المؤسسات التي تعتبر مؤسسات ما فوق الدولة الوطنية.
أنظار العالم ترقب هذه المنطقة التي قطعت أشواطاً في التنمية والاستقرار بعيون لا يخلو كثير منها من التشفي ، واُخرى ظلت تراهن على أن العقل العربي بطبيعته مجبول على تخريب ما يبنيه ، وهي وإن بدا أنها نظرة عنصرية ، إلا أن دلائل من التاريخ القريب والبعيد قد أخرجت هذا التصنيف من إطاره العنصري التعسفي إلى المكان الذي أصبح بمقدور هؤلاء العنصريين استخدامه كمحفز على مواصلة الرهان على أن العقل العربي يمتلك من حوافز التدمير والخراب ما يكفي لإثبات نظريتهم العنصرية .
المنطقة ، التي حملت لواء المواجهة التاريخية مع هذالنزق العتصري الإشكالي والمرصود في تأريخ فاسد جعل من العرب عنواناً للتخلف والانقسام والحماقات ، جدير بها أن تحافظ على ما أقامته من براهين عملية في التنمية والاستقرار لطالما قدمت الدليل على أن التشويه الذي تعرض له العقل العربي إنما هو فعل ثأري عنصري تكون في تساوق مع الصراعات التاريخية التي اقترنت بتكوين الشخصية العربية المنفتحة على الأمم الأخرى كنموذج للشخصية التي أخذت تنتقل من القلق إلى الاستقرار ومن الجمود إلى التنوع …مع إرث استعماري وإحتلالي كتم تلك الشخصية وأزهق الحوافز النهضوية التي كانت قد تشكلت بتشكل نواتها التاريخية .
نحن اليوم أمام حالة لا يفصلنا فيها عن استكمال حلقة التدهور الكامل غير هذا الجزء من الحلقة الذي ظل متماسكاً ، وإذا لاحظنا كيف أن هناك من يدفع من خارج المنطقة بخيارات لا يستفيد منها سوى أولئك المتربصون بمستقبل العرب ، بعد أن كانوا سبباً في تخلفهم وإرهاقهم بتاريخ لا يليق بهم من الاذلال ، فإنه يمكننا البحث عن خيارات لا تأخذنا في المسار الذي يلتقي مجدداً بهذا التاريخ . وكل عام وانتم بخير