الحوثيون المستذئبون حاليا لا يستحضرون انهم كانوا الى قبل سنوات، يذكرون في كل محفل ومنبر بالمعتقلين من جماعتهم ظلما وعدوانا وخارج القانون، مع ان وضع كثير منهم (وربما ليس جميعهم) حينها افضل حالا من سام الاحمر المختطف في قبضة جماعة مسلحة يبدو -من خلال تصرفاتها وممارساتها البربرية- أنها ابعد ما تكون عن قيمة العدالة ومفهوم الدولة..
سام الاحمر في وضع اسوأ من حال معتقليهم السابقين ايام المظلومية، في سجون النظام السابق يوم كانوا يصنفون جماعة متمردة..
عدوانية الحوثيين تجاه العدالة والانسانية حاليا تبعث على التشكيك -بأثر رجعي- في انسانيتهم تجاه المظلومين من اتباعهم سابقا بانها لم تكن اكثر من مزايدة واستثمار، وليست قيما راسخة..
فمن يعرف العدالة والانسانية لا يمكن له تجزئتها، او حصرها في جماعة وحرمان الاخرين منها.
السوية تقتضي المطالبة بالعدالة لسام الاحمر وليس غيرها..
والعدالة والانسانية تقتضي التحقيق في القضية من اساسها بنزاهة واستقلالية ومسؤولية وصولا لارتكاب جرم اخفائه وحرمانه من العدالة، ووضعه الذي بات اقرب الى الاختفاء القسري رغم وضوح المذنبين..
هي ذاتها العدالة التي طالما كنا نطالب بها لعبدالملك الحوثي ورجاله، وهم مشردون تحت القصف او معتقلون.. هم لا يريدون استحضار هذا الامر الا لتبرير الجرائم التي يقترفونها بحق الانسانية، لا بجلب العدالة التي كانت مطلبنا المشترك واياهم..
القضاء هو من يدين ساما او يبرؤه ان كانوا يفقهون ادني مفاهيم العدالة والانسانية، شريطة ان يكون قضاء مستقل من اي مؤثرات، وليس قضاء وصعت عليه اليد ميليشيا مسلحة متنمرة توجهه بذات الطريقة التي تتعامل فيها مع الضحايا المنتهكين، مشتبهين او متهمين او ابرياء.
الموضوع اكبر من استعطاف جماعة مسلحة باطفال افتقدوا اباهم فجأة او ام ثكلى بولدها، او اب ضرير، او زوجة مفجوعة.. ثمة اخرون مقطوعون من صلة قرابة او لا تعلم اسرهم بمصيرهم وهذا لا يعني قطعا التقليل من حقهم الكامل في العدالة بل ومحاسبة المجرمين بحقهم.. هي في حالة كسام، وغيره تعني ان ثمة اخرين مشمولين بهذا العقاب البدائي القادم من عصور ما قبل الدولة، او ممارسات الدولة الظالمة الغاشمة كما يصفها عبدالملك الحوثي، الذي ياتي ورجاله لتكرار ممارساتها حاليا وفي ابشع صورها.
لا تتحدثوا عن جريمة اخفاء سام الاحمر.. اتركوه ضحية سائغة للضباع.. والا سيتهمكم فتوات الميليشيا البربرية انكم من مرتزقة حميد ومن اعداء الانسانية التي ساقتها الجماعة اياها متفجرات الى المساجد، او ادخلها رجالها هدايا لكثير من المنازل.
نحن نعيش حالة تخاذل موحشة متوحشة، لكانها تتأهب للانقضاض علينا ذاتها واحدا تلو الاخر لتضعنا في ذات المآلات المفجعة الذي تواطئنا في مسألة رفضها.