2017-11-11 الساعة 06:51م
قبل عامين قضيت خمسة أشهر في الخرطوم في مهمة دراسية بحتة قررت أن أخوضها في ظل الوضع الشاذ الذي شهدته اليمن عقب اجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء. بقيت تلك الفترة وكان قلبي معلقا باليمن لاسيما حينما كانت الانتصارات تسير بسرعة الطائرات..
كنت أرى الزملاء من الإعلاميين وهم ينقلون المعارك لحظة بلحظة والشوق يطحنني والحماس يدفعني نحو هبة جسدية كلاعب في صفوف الاحتياط ينتظر صفارة التبديل..
عدت إلى مأرب بكل حيوية متنقلا بين العمل التلفزيوني والإذاعي والصحفي والالكتروني
وكان هدفي أن أساهم ولو بالشيء اليسير في تحرير وطني وأن أعود إلى منزلي وأهلي ولكن الحلم الأخير لم يتحقق.
لقد كان لانحراف مسار استعادة الشرعية أثره الكبير في هذا الترهل الحاصل حينما تدخلت الحسابات الصغيرة والنظرات الضيقة والبحث عن خصوم آخرين كل هذا ألقى بمساوئه على تلك الهبة التي نفذها التحالف العربي..
كانت مأرب بالنسبة لي الملاذ الآمن عندما توافرت مساحة كافية من الحرية وتم الحفاظ على رمزية الدولة فبقي فينا الأمل وشيء من تفاؤل قليل..
أحببت مأرب الأرض والإنسان واللواء سلطان ووقفنا مع زملاء مخلصين بالكلمة الصادقة في مواجهة كل مشاريع الدس الرخيص وإثارة النعرات وزعزعة استقرار المحافظة..وعملنا بكل جهدنا للحيلولة دون تكرار غلطة ربنا باعد بين أسفارنا التي بمجرد ذكرها تحتشد في أذهانها مليون لعنة من التمزق والشتات والتخلف..
وفي المقابل كانت ولا زالت تكبر في عيوننا تلك الخطوات التي يخطوها اللواء سلطان العراده محافظ محافظة مأرب ومن معه من المخلصين التي ربما شكلت في مجموعها الأرضية المناسبة لنبني عليها شيئا من التفاؤل في وطن منهك يقطر دما ويضج بكاء وعويلا ويسمع أنينه كل كائن حي ويشاهد توجعه العالم..
شكرا لمأرب التي قطعت فيها كثيرا من مشوار الدراسة البحثية والاطلاع وأكثر من ذلك اكتسبت كما هائلا من دروس الحياة..
شوقي وحنيني لزملاء وأصدقاء غمروني بحبهم ونبلهم من عملنا معا وضحكنا معا وبكينا وتألمنا وسعدنا..
ورحم الله أحبابا غادروا الحياة وتركوا فينا غصة العمر وأحزان السنين..
وتحياتي لطلابي وطالباتي في جامعة سبأ من تعلمت منهم اكثر مما علمتهم..
ودعائي للواء سلطان العرادة ولكل المخلصين والشرفاء في ربوع الوطن بالتوفيق والسداد وهم يقاومون كل الأعاصير ويذودون عنا ويتجاوزون كل العراقيل..
وسلامي لأهلي وأطفالي من التقيت بهم على عجل..
وأسفي أن أعود إلى وطني وبعد عامين أغادره ولم أتمكن من دخول المنزل الذي اشتقت إليه بعدد أنفاسي..