2015-03-16 الساعة 05:27م
بعد أن غادرت مليشيا الحوثي أرحب، دخل زملاء صحفيون إلى البلدة المنكوبة، لقد كانت موحشةُ للغاية، وعلى قارعة المعركة آثار دمار همجي قلْ أن يحدث في تاريخ الحروب!
فتح الزميل نبيل الأوزري كاميرته والتقط صوراً عدة لبقايا "أدلة"، وبقايا أماكن تتحدث بوضوح : أن قومٌ يشبهون البشر، خلعوا إنسانيتهم ، وداسوها بالبيادات التي كانت تزين أقدامهم، ثم ولجوا في عالم الوحشية بجنون، ومروا من هنا..
من بين صور كثيرة لمآسي تفيض بالشفقة على مرتكبيها، بذات القدر الذي تتفجر أسفاً وعطفاً على الضحايا الذين اكتووا بنار قسوتها، من بين تلك الصور كانت هذه الصورة..
صبيٌّ مفجوع، يعانق الغبار، ويحتضن عوداً على ركام منزلهم المدمر..
ينتمي إلى عائلة (الزبيري)، واسمه حسين الزبيري، من قرية (شراع) ..
وللقصة بداية لا تعرفها المليشيا الهمجية..
وبداية القصة؛ كانت منذ مولد طفل في بيت أبيه، وبكاءه الذي ملأ الدار فرحة، حينما كان ينسج البسمة في شفتي والديه ..
وعاد الطفل بعد أن صار صبياً،
عاد ليتكئ على عود من سقف البيت الأشلاء،
وعلى أشلاء من ذكريات متطايرة،
عاد يتقاطر دمعه، يسكب وجعه ، يندب حظه، على أطلال دار مهدوم ، كرامة مذبوحة، إنسانية مخذولة..
عاد الطفل الساكن "أرحب" يتوسد كفه المغبرّة، والتراب يتشبث بأطراف شعر رأسه، غبار المكان الذي كان بيتاً، الذي كان مأوى لأسرة تتحدث اللهجة اليمنية وتنتمي لتراب الوطن اليمني المسكون بالخديعة.
ماذا يفعل صبي مثلك يا صغيري حين يشهد لحظة إجرام تمارس بحقه؟
ماذا سأفعل أنا لو كنتُ مكانك ورأيتُ المحتل يفجّر منزلنا؟
سأبكي بوجع متصاعد، وسأغسل أيامي بدمع ساخن،
لكنك مختلف، يا صغيري..
قلبك يفيض بالعاطفة، مشاعرك دافئة ويقظة، عشقت دارك ومسقط رأسك، وسكن فيك مسكنك، لتدفعك الفجيعة أن تحتضن عوداً من سقف منزلكم المدمر..
أنت شجاعٌ أيها الصغير, شجاعٌ وكبير ..
أنت شاهد حق على جريمة مرت من هنا
على كتل من الحقد المشحون بالكراهية ، وصلوا إليك، وأخرجوك من بيتك، وفجَروا في خصومتهم ففعلوا فعل الفجّار..
فجّروا منزلكم .. وتركوك مسكوناً بالحزن والفجيعة!
غادروا وهم يظنون أنهم حققوا نصراً عليك
والله أنك المنتصر ، وأنك الباقي ، وأنك الشاهد الذي كتب نهاية العابثين ورسم مآلهم القريب.