2018-07-25 الساعة 01:57م
خطوة إيجابية تلك، التي يقوم بها، منذ ما يقرب من شهرين، فريق من الإعلاميين، والمتمثلة في زيارة جبهات القتال، مؤازَرة لقوات الجيش الوطني، ورفعاً لمعنويات مقاتليه، والتعريف بإنجازاته وتضحياته، بصرف النظر عن ما يوجه لهذه الزيارات من نقد؛ بفعل الظهور المتكلف لبعض الإعلاميين، ومحاولة اجتراح البطولات، والتوظيف الدعائي الشخصي لهذه الزيارات.
رغم ذلك كله، دعونا نثمن هذه الخطوة، ونحثّ على بذل المزيد منها، لما لها من دور كبير، في خلق روابط روحية بين ما يسطره أبطال الجيش الوطني في هذه الجبهات، وما تبقى في أذهان الجماهير من بصيص أمل في هذا الجيش، في دحر الانقلاب الحوثي، وتقويض بنيانه الكهنوتي، واستعادة دولة اليمن الموحد، أرضا وإنسانا، من المهرة إلى صعدة، ومن صحرائه إلى بحره الإقليمي في المحيط الهندي والبحر الأحمر.
لقد دعونا كثيرا إلى تبني دور إعلامي يواكب معركة استعادة الدولة، وأشرنا إلى ركاكة أجهزة إعلام السلطة الشرعية، مقارنة بأداء الإعلام الانقلابي، الذي يحارب بكل ما أوتي من قوة، وفي كافة منابر الكلمة، وعبر مختلف وسائل نقلها، التقليدية والمعاصرة، ولن يكون لهذا الدور ثماره القيمة، ما لم يكن مدروسا ومؤطرا بضوابط قانونية، وأخلاقية، وشعور وطني بعدالة القضية، وأهمية الاصطفاف الصحيح في سبيل الانتصار لها.
الحقيقة أن المعركة الإعلامية شديدة الحساسية، وتتطلب إدارتها مهارات عالية، وعناية خاصة من قبل القائمين عليها، ما لم فإن مفعولها قد يكون سلبيا على الجهة، التي تتبناها، سواء في حاضرها أو مستقبلها. ومما يؤسف له أن بعضا من الممارسات الخاطئة، رافقت زيارات الفرق الإعلامية إلى بعض الجبهات، حين مثلت مصدرا للكثير من المعلومات، التي يبحث عنها الحوثيون، أو تلك، التي قد تساعدهم على تقدير الموقف القتالي لقوات الجيش الوطني، والأرض، التي تحت سيطرتها.
لقد لاحظت كيف يجري الكشف، بحسن نية، عن هوية القادة، والمقاتلين، وتحديد طبيعة المناطق المسيطر عليها، وتضاريسها، وأبعادها، والتفاصيل الدقيقة عن مناطق تمركز القوات، وموقعها من تمركز ميليشيا الحوثيين في خطوط المواجهة الأمامية، بل وتسليط الكاميرات عليها دون أي استثناء مما تفرضه الضرورات العسكرية؛ وذلك ما يعد كشفا لعنصر المفاجأة الاستراتيجية، التي تحاول فيها الجيوش، خلق "منطقة ظلام معلوماتي" لدى العدو، وجعله يتخبط في اتخاذ قراراته وإدارة عملياته.
لا شك أن الإمكانيات العسكرية، التي تتمتع بها قوات الجيش الوطني، وقوات التحالف، التي تؤازره، قد تقلل من فرص الحوثيين في النيل من قوات الجيش الوطني، لكنها، قطعا، لن تمنع وقوع ذلك. وقد أثبتت أحداث كثيرة صدق هذه المخاوف، ومثال ذلك ما حدث في صرواح، ونهم، والمخاء، وتعز، التي قضى فيها العديد من كبار القادة، والمقاتلين، أما في أحسن الأحوال، فقد كانت النتيجة إعاقات مختلفة النوع في صفوف بعض هؤلاء القادة والمقاتلين، ولعل الأمثلة الكثيرة على ذلك، تغني عن إيرادها.
إن ما ندعو إليه، هنا، وبكل بساطة، حوكمة المواجهة الإعلامية، وإدارتها بكفاءة وفاعلية عاليتين. وفي العادة، وقبل خوض أي حرب، توضع ثلاث استراتيجيات أو خطط إعلامية، واحدة منها سابقة للحرب، وثانية مصاحبة لها، وثالثة تالية، لكن في وضع كالحرب اليمنية الراهنة، لم يعد من سبيل أمام أجهزة السلطة الشرعية المعنية بذلك، سوى وضع الخطة المصاحبة للحرب والخطة التالية لها، وحتماً سيكون ضمن الخطة المصاحبة، إدارة النزول الميداني للصحافيين، والإعلاميين، ومراسلي قنوات التلفزة، وغيرهم، وفقا لضوابط وإجراءات توازن بين شفافية ما يجري على أرض المعركة، والضرورات العسكرية، التي تستدعي التعتيم على بعض المسائل.
إلى ذلك، يجب التصدي لما يصدر من إعلام الحوثيين، من أكاذيب مغرضة، تنال من الجيش الوطني، وتفنيد هذه الأكاذيب، وكشف زيفها، ونشر ذلك على نطاق واسع، واستغلال ما تتيحه تقنية الاتصال والمعلومات في إيصال ذلك إلى كافة الجماهير، في مختلف المحافظات، لا سيما في ظل ما تفرضه سلطة الانقلاب الحوثي من قمع للرأي الآخر، خاصة الصحف، وما تنشره من أفكار سامة عبر الإذاعات المحلية، وفي الوقت الذي، لم يعد فيه من وسيلة سهلة سوى الفضاء السيبراني، الذي يأخذ الأفكار والأخبار إلى كل شخص، وليس كل بيت فحسب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي المتخلفة، والمواقع الإلكترونية الإخبارية، مع مراعاة دور الإعلام المتلفز والمسموع.
فيما يبدو، أنه لا وجود لأي خطة من هذا القبيل، لدى السلطة الشرعية، وأن ما يجري لا يعدو أن يكون نوبات ظرفية تبرز من وقت إلى آخر، لتبدو كما لو أنها ردود أفعال، أو استجابة لأوامر عليا، أو ردا على موجة رأي عام ساخط، بصرف النظر عن ما قد تحققه بعض أنشطة إعلام هذه السلطة من تأثير في نفسية ميليشيا الحوثيين، وأنصارهم المخدوعين أو المتعصبين، لكن هذا التأثير سيكون أشد من ذلك، فيما لو كان مرتكزا على استراتيجيات وسياسات معدّة لهذا.
- يمن شباب