2018-08-08 الساعة 01:55ص
بعد ثلاث سنوات من مفارقة "صنعائي" التي أكتنز بها ذكريات قرابة الثلاثين عامًا قضيت جلها موظفًا حكوميًا وصحفيًا متنقلاً بين أوراق صحفها ومجلاتها، ومتحدثًا لأبنائها من الشاشة الصغيرة عن تطلعات حلم نبيل عشناه مع أصدقاء الحرية.. حلم عشقناه كأنثى ساحرة لا يمكن لأحد أن ينصرف عن فتنتها، أو يفتك من قيود أسرها!!
منذ ثلاث سنوات كانت لنا قصص عنف ورعب نشره "غبار التاريخ"، لقد غطى المكان الذي عشنا فيه، والطريق الذي سلكناه، والعمل الذي مارسناه، والكرسي الذي ترنح في الجوار.. قصص لم تدع للكثيرين مجالًا للاستمرار في معانقة الحلم في المكان الذي اغتيل فيه أبرز وألمع أحرار زمانه، وفتحت المعسكرات حضنها للمليشيات ذات نهار، في جريمة تواجد فيها "أبو رغال" بكثافة مفرطة!!
غادرت إلى حيث أراد القدر، وجئت محملًا بـ"الثائر" القادر على تقديم جزء من واجب رد الجميل الذي استحقه من "صنعائه"، وصلت إلى المكان الذي تصورته ملاذًا من الضيم، ونافذة للنور والأمل والعمل، في الحنايا قضية وفي زاوية العين "صنعائي" التي أردتها نافرة كـ"نقم" وعزيزة كـ"أم المدائن"، وعظيمة كقلوب الأحرار.. المكان الذي قطنه قوم "الشرعية" ونالوا فيه قسطًا من الراحة غيبهم عن الهم والضحايا والألم!!
منذ البداية اكتسيت التعب مجددًا، ارتديت الوجع وتأبطت خبرة أتقنها إلى حيث خيل للكثيرين أن من جوفه يصدح الصمود، تصورته مكاني، خلته جزءً اشتاق إلي، للأسف والأسف الشديد فقد تواجد ثمَ بعض من الأسواء وتبادلوا آرائك الغنيمة، وثمَ كانت التماسيح قد تكاثرت بشكل لافت.. طغت دموعها على الحقيقة، التماسيح لا تنوح، لكنها أغرقت الشعب الطموح بالعبارات ذاتها التي لا تفتأ تغتال الحقيقة وتهتك ستر الحياء والموضوعية.
تمر الليالي والأيام؛ وهنا يا "صغيري" الليالي أكثر من الأيام بكثير، لقد كانت كثيرة لدرجة تصورت معها أنني بعضها، أو أنها التصقت بي لثلاث سنوات، فيها؛ لا ترى بوضوح حين تتلفت، ولا تسمع أحدًا حين تئن، ولا تلمس شيئًا حين تحتاج للدفء، مرت كئيبة السنوان الثلاث؛ رغم جهد ألا تمضي وأنا ساكن، قطعت الكثير من المسافات من أجل الحلم، ومن أجل القضية، ومن أجل "إسحاق"، ومن أجل نفسٍ ظلت عصية على الهوان، ظلت راغبة في الصمود والشموخ رغم المحن!
منذ أسبوعين؛ قررت أن أفتح عيني أكثر؛ أفتحها كل صباح، قررت أن أتنفس هواء صنعاء وعدن والمهرة، أن أشجو كعصفور، أن أنادي كحادي ركب، أن أئن كجريح عايش وزار وتابع الكثير من جراحات شعبه وأبنائه الأحرار في ظل حكومة تقول أن من العار أن يئن "الصحفيون"!، ولكنها فقدت معنى العار!!!
#اليوم_الرابع_عشر