2018-11-05 الساعة 05:59م
خلال اليومين الماضيين هيمنت الدعوات التي أطلقها وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيين، ماك بومبيو، وجيمس ماتيس، على المشهد الإعلامي، وسط توقعات بأن تشهد اليمن في غضون شهر وقفاً لإطلاق النار ومشاورات تفضي إلى السلام.
يتطلع اليمنيون إلى السلام ولكن ليس بأي ثمن، فلقد دفعوا ما يكفي من الأثمان ومن حقهم أن يطمئنوا إلى أن السلام الذي يخطط العالم لجلبه إلى بلادهم سيكون بالفعل سلاماً دائماً وفاتحة أمل حقيقي، وليس تصديراً للأزمة إلى السنوات القادمة.
فهذا العالم الذي سرق السلام من اليمنيين حينما قرر أن ينهي ثورتهم السلمية والنظام الانتقالي الذي أفرزته، وإخراج القوى السياسية المؤيدة لهذه الثورة من المعادلة السياسية في البلاد، يتعين عليه اليوم أن يعيد توجيه مهمته في اليمن باتجاه إنهاء مسببات الحرب وفي طليعتها: إنهاء الانقلاب، وإنهاء التدخل العسكري للتحالف، وحمله على تحمل تبعات الحرب وما خلفته من دمار، بما يسمح بإعادة تأهيل اقتصاد البلاد وبنيتها التحتية، والدعم الكامل لعملية سياسية تعيد الديمقراطية إلى الدولة اليمنية الاتحادية متعددة الأقاليم.
حملت تصريحات الوزيرين بومبيو وماتيس ما يشبه الإملاءات بشأن خارطة طريق الحل السياسي، ومرة أخرى يحاول الأمريكيون التصرف خارج الثوابت الأساسية للحل في اليمن، بما في ذلك القرار 2216 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
بل أنهم يؤسسون الصراع في بلدنا على أساس أنه مواجهة مسلحة بين قوات خارجية معتدية هي السعودية والإمارات، واليمن الذي يمثله الحوثيون فقط، بما يرسخ القناعة لدى الجميع بأن الحوثيين لا يزالون خارج دائرة الاتهام الأمريكي على الرغم من نبرة الخطاب الترامبية المرتفعة تجاه إيران وأدواتها.
لقد ذهبت السعودية بعيداً خلف السياسات التدميرية للإمارات التي كانت دائماً تسوق خطاباً إلى الغرب مفاده أنها تحارب الإرهاب في اليمن، أكثر من أنها تساعد الحكومة الشرعية على استعادة سلطاتها ونفوذها التي قوضها الحوثيون المرتبطون بإيران.
الامارات اختارت طريقاً سهلاً وهو تكريس انفصال الجنوب الذي سيقود إلى ممارسة نفوذ جيوسياسي سهل على هذه المنطقة، والثمن يمكن أن يتفهمه العالم، أليست الإمارات هي من يحارب الإرهاب في هذه المنطقة الخطرة من العالم؟!
لكن الأولويات الجيوسياسية للسعودية تتركز حول إنهاء خطورة الحوثيين باعتبارهم حزب الله آخر في شمال اليمن وعلى الحد الجنوبي للمملكة.
ومع ذلك تمارس السعودية قدراً هائلاً من الابتزاز السياسي مع شركائها السياسيين اليمنيين الذين يشكلون معسكر السلطة الشرعية التي أتاحت التدخل العسكري للتحالف، ومنحته هذا القدر من المشروعية، لمجرد أن لهؤلاء الشركاء مصلحة ذات أولوية في إنهاء الخطر السياسي والعسكري لميلشيا الحوثي.
حسناً ها هي الرياض تتلقى ضغطاً قوياً من أمريكا التي يعلم الجميع أن بوسعها أن تجبر السعودية والإمارات على وقف إطلاق النار والذهاب إلى تسوية سياسية قد لا تحقق المصالح الحيوية للسعودية، بل تلحق بها الضرر بالقدر الذي تلحق فيه الأذى بالطيف اليمني الواسع المتضرر من الهيمنة الراهنة للحوثيين على العاصمة وعدة محافظات أخرى في شمال اليمن.
- اليمن نت