2019-09-03 الساعة 07:18م
بعد خمس سنوات من سقوط صنعاء المدوي واربع سنوات ونصف من اندلاع عاصفة العجز يتلخص المشهد اليمني في التالي:
ترسخ انقلاب صنعاء وعدد من المحافظات، بل وتجذرت بتواطؤ العرب قبل العجم ، بينما تماهى التحالف في تهيئة سيطرة ما سمى بالمجلس الانتقالي على عدن وما حولها ويسعى للسيطرة على شبوه المحافظة ، ولا ينقص الطرفين الانقلابيين سوى الشرعنة التي يسوغ لها اقليميا ودوليا بحزمة من المشاريع التخريبية المفروضة على الشعب اليمني.
والأمر أولاً بيد الرئيس وثانيا بيد النائب والحكومة ومجلس النواب والشرعية هي الحلقة الأضعف على الأرض بعد أن كثر أعدائها وتكالبوا عليها حتى الحلفاء كما تتكالب الاكلة على قصعتها.
في الذاكرة الجمعية اليمنية تستعاد اليوم بقوة حقبة سيطرة من دعم ثورة سبتمبر 1962 م وسجن اعضاء الحكومة اليمنية انذاك في القاهرة والتي تحملت السجن لعام كامل من اجل اليمن ، في حين الوضع اليوم اسواء فبينما كانت تلك الحقبة بعض من عناصر الحكومة وقيادات الجيش مسيطرة في الداخل بصنعاء بينما بعض رموزها خارج اليمن ، اليوم كل القيادة والاجهزة الحكومية مسيطرة عليها بين انقلاب صنعاء وانقلاب عدن . ولا ينقص الطرفين الانقلابيين الا الشرعنة لانقلابهم.
والأمر أولا بيد الرئيس وثانيا بيد النائب والحكومة ومجلس النواب والشرعية هي الحلقة الاضعف على الارض بعد ان كثر اعدائها وتكالبوا عليها حتى الحلفاء.
اليوم الهم الأكبر للتحالف ليس القضاء على الحوثي ولا نهاية تمرد الانفصالي في عدن بل جل همة هو اصراره على حوار لسن حقائق جديدة لتوثق لتلغيم صراع آخر مقبل وهو بداهة اسواء من ما عُرف بأتفاق السلم والشراكة قبل نحو خمس سنوات الذي وقع على اسنة الرماح ورغم ذلك لم نرى لا اتفاق ، ولا سلم ، ولا شراكة .!
وهم امام مرحلة تاريخية فاصلة .... وعليها تذكر ما حدث لحكومتنا في ثورة سبتمبر في القاهرة من قبل جمال عبدالناصر والتي تحملت السجن لعام من اجل اليمن .
وعليه فإن أي تفريط من القيادة السياسية الى جانب السلطات الثلاث ولاسيما رئيس مجلس النواب " المحايد" في هذه الظروف الحرجة سيضعهم امام مسؤلية تاريخية وبداهة سيلعنهم التاريخ على خطى " ابو رغال" على مدى اجيال قادمة ولن يسامحهم في حال سلموا رقاب ثلاثين مليون لانقلاب الحوثي والانتقالي ببداية شرعنه الانتقالي لان شرعنة الحوثي سيكون من باب تحصيل حاصل ونتيجة حتمية لعل الساعات والايام القليلة المقبلة قبل ذكرى سقوط صنعاء تحمل معها كل الاحتمالات.
بداهة غدا لزاما التفكير بجدية وتبحث الشرعية عن تحالفات جديدة وداعمين جدد غير هذا التحالف وبداية كان يفترض تعيين وزير خارجية قبل ثلاث أشهر ، فلا يعقل في هذا صوت الدبلوماسية اليمنية غير مسموع ويتجاهل مجلس الامن طلبات اليمن ازاء صلف التحالف.
فكما كانت سنوات الحرب الاولى بدون وزير دفاع وفي نفس الوقت وزراء بلا وزراة مثل وزارة السياحة .. وحتى وزارة الدفاع والجيش اليوم مكبل ما لم يتخذ قرار بتنفيذ رغبة الحكومة في بسط الامن .. غداء الامر واضحا اليوم بدون مواربة اما نكون او لا نكون .
بعد كل هذا الدمار والفاقة والعوز والحصار لا ينبغي ان يفطر اليمنيين ببصلة التشرذم والتماهي المطلق مع التحالف أو أحد طرفيه لم يعد ممكنا او مستساغا في اوقات مفصلية وحساسة .
باختصار انتهت مرحلة المراوحة وسقطت الرهانات الخادعة ، فبكل صراحة ووضوح الشرعية اليوم امام اتهام الشعب اليمني حتى تثبت برأتها من تحالف الحصار والتقسيم والانفصال.
أصبح لزاما على الشرعية ان تبحث عن تحالفات جديدة وداعمين غير التحالف السعودي الأمارات التهاون والركون على الآخر في القضايا الحساسة لم يعد ممكنا ولا مستساغاً.
البعض يسوغ بأن الشرعية لاحول لها ولا قوة والقول بهذا هو نوع من تسويق الفشل فقرارات مجلس الامن وفق الفصلين السادس والسابع بخصوص اليمن هي لصالح الشرعية ، وهو الأمر نفسه لإحاطات الرئاسية لمجلس الأمن والمبعوثين وتقارير لجنة الخبراء؟
كلها تشكل دعما للسلطة الشرعية وتقف معها ضد الانقلاب وضد التقسيم ومع سيادة واستقلال ووحدة اليمن.
كلها تشكل دعما للسلطة الشرعية وتقف معها ضد الانقلاب وضد التقسيم ومع سيادة واستقلال ووحدة اليمن ، بالطبع الى جانب المنظمات الدولية من جامعة عربية وعدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الاسلامي واعتراف العالم كله بسيادة السلطة الشرعية حتى دول الخليج بينما الشرعية لم تستثمر كل هذه المعطيات والسموغات القانونية ، وعليه فلا نلوم احد قبل ان نلوم الخلل الذي بداء يستشري كالسرطان في جسد الشرعية.
للشهور دلالات في حياة اليمنيين فكما ان مايو شهد الوحدة وشهد حرب الردة والانفصال فأن شهر سبتمبر أيضا يحمل معاني ورمزية متناقضة في الذاكرة اليمنية فهو بداية كان عنوان المجد وعنفوان الثورة ضد الكهنوت ، وسبتمبر نفسه يحمل معاني الانحطاط والردة ، وبداية مستنقع اليمن في غياهب الكهنوت.
فهل شهر سبتمبر هذا بأحد الاحتمالين بأحد هذا الخيارين .. اليمن الاتحادي المستقل ام اليمن ليس الشطري فحسب بل المتشرذم والمتناحر ودول الطوائف لسنين عجاف قادمة اسوأ بكثير مما نعيشه اليوم.
باختصار الهزيمة المعنوية الكبرى الذي تلقاها اليمنيين كانت بسبب ركونهم على التحالف.
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية