أهم الأخبار
هشام الشبيلي

هشام الشبيلي

عام جديد يارفاق

2020-01-14 الساعة 11:43م

أن تتواجد في مناطق مواجهات، فهذا يعني بامتياز أنك كنت أحد الشهود على ماحدث.. ويعني أنك شاركت فيه أيضا وقد يحوي هذا على إصابة لك أو فقد عزيز عليك..
هذا يعني أكثر من مجرد مطاردة وحزن وفرح ونشوة وألم ونزوح وأشلاء مقطعة وموت يتخطف الأبرياء هنا و هناك؛ أن تكون قريبا من الموت ان تتخلى من أحلامك الوردية وتعيش في مأساة تجددها مأساة يعني أن تعرف ماذا يعني النزوح حقيقة لا مجاز! 
أن تبكي يوما لسماع قصة يحكيها مواطن فقد أسرته وطفل تركته أسرته في مناطق الشرعية وفرت من الموت باتجاه مناطق تحت سيطرة الحوثيين
أن يفقد ذلك الطفل قدميه بلغم ليصبح قعيد لا أهل ولا وطن ولا ونيس
يتجدد  الوجع وانت تسمع هذه الحكايات. 
أربعة أعوام تشرد وقرب من الحرب والموت، تبدو كفيلة كي تتجرع الآم لا حصر لها وتسمع صوت والدك يبكي بدون مقدمات ما إن يسمع صوتك فتأخذ أمك الهاتف فتبكي وتبكي أنت وينقطع الاتصال
تبدو لحظات الهروب من هذه المواقف صعبة، فلا فيروز تطربك ولا ابو بكر ولا كل ملوك الطرب، يصبح السهر  على البحر ومناجاة القمر والنجوم ترف لا تقوى النفس على إطالته؛ يفيض قلبك وينخلع وأنت تسمع صوت ينادي بابا وأنت على مقربة من الموت تسأل نفسك هل سأعود وهل سأسمع هذا الندا مجدد ام اني سأغدو رقما يضاف الى الحصيلة اليومية لضحايا الصراع على نشرات الأخبار .
تشتاق وفي الاشواق تحلق ذكرى رفاق خطفهم الموت وبرحيلهم تعرضت للكسر الذي لا تجبره الأيام.

تتحرر المناطق فيبلغ بك الفرح مبلغا عظيما وتندفع بأقصى ماتستطيع للبحث عن رفاة  قريب كان لك صديقا، وأخا، وونيس غربه،...،.... وبعد ان تستهلك طاقتك وتتلاشى نشوة النصر تدرك انك كمن يحاول استخراج قطرة ماء وقعت على رمال الصحراء. .
 تغادرك نشوة الفرح لتتركك في خواء وجمود تام..وعبثا تحاول استعادة أحلامك الجميلة علها تمدك بأمل وطاقه لمواصله طريقك فلا يسفر بحثك الا عن نفس محطمة بين ركام الأحلام..
أن تكون في منطقة حرب أن ترتعش بالبكاء كطفل فقد أمه
حين ترى الأطفال والنساء الكبار والمعاقين يفرون من الموت. 
أن تكون في منطقة حرب يعني أن تعرف كيف تتقاذف الأمواج اشلاء ضحايا الالغام الباحثين عن النجاة بحرا . 

أن تكون نازحا للعام الخامس أن تنسى ملامح أخوتك الصغار، فيبدو لك في صورة واتس وقد أصبحوا رجالا، أن تفتش في ذاكرتك عن   كبار السن في قريتك و الذي لا يحلو وقتك الا بسماع حكاياتهم ومغامرتهم ومعاناتهم.. جميعهم رحلوا في لحظة كنت فيها تخضع لعملية تخدير  مزمنة..

أن تكون مفارق للديار وللأهل والاصدقاء قريب من الموت أن يغزوا  الشيب  رأسك بينما أنت لاتزال شابا عشرينيا ً

ان تتلاشى ألوان الأشياء و يصطبغ العالم من حولك بلون واحد شديد القتامة، وان لا تبذر الارض الا بالقذائف ولا تنبت الا الدخان..
تنعدم الرغبات وتفقد الاحلام بريقها وتنعدم رغبتك في الحياة ككل..

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص