2021-06-14 الساعة 07:18م
عند كل ذكرى لاستشهادك، أبحث عني ..
لقد رحلتُ معك يا أخي وصديقي وأبي.
بقيتُ جثة تتناوشها سكاكين الفقدان والوجع، كما جثة البلاد التي تنغرز في لحمها أحقاد وضغائن العابرين وأطماع الطارئين.
يوم خطف القتلة روحك اهتزت سمائي وسقط نجمي الذي أهتدي به، وابتدأت رحلة المتاهة في عالم لم يعد يمنحني سوى مزيداً من الألم والمتاعب .
اعرفُ أنك بخير وأنك بين يدي عظيم يعتني بأمثالك من الشهداء الأبرار والصالحين الأخيار ، لكننا لسنا بخير ، كأن الأيام وهي تمضي بي اليك تمضي بالبلاد إلى المجهول .
سأقول لك شيئاً: هانحن في العام السابع للحرب التي أوقدها القتلة العنصريون وقطاع الطرق.
لا شيئ يحدث في العالم يشبهنا. الذين قتلوك بالقذائف وأنت مرابط في منزلك، لازالوا يحرقون المدن المكتظة بالناس بالصواريخ البالستية. قبل أيام فقط ارتكبوا مذبحة في مأرب وقدموا الضحايا بجثث متفحمة، كطبق "شهي" على مائدة شيطانهم المعمم. حتى الطفلة "ليان" لم تعد الى منزلها مع أبيها، عادا " كأشياء" متفحمة وبلا أي ملامح.
لا أظن أنهم يريدون يمنياً واحداً على قيد الحياة. لقد استلذوا الدماء، وهاهم يسوقون الناس زرافات الى محارق الموت يقتلون الضحايا ويقتلون أتباعهم أيضاً!
في كل بيت يمني مناحة ودم، وفي كل منعطف مذبحة وذكرى فاجعة. لقد أهلكوا الحرث والنسل، بينما يزداد ضياعنا بلا بوصلة.
لقد جلبوا لنا كل أطماع وحقارات العالم، والذين سهلوا لهم أمر هذا الإنقلاب وإشعال هذه المذبحة الكبيرة منذ 7 سنوات، هاهم يشيعون الخراب في كل زاوية، ويفخخون البلاد ويطلقون العنان لأطماعهم.
ما من صديق لهذه البلاد يا محمد، وقد توقفت العقول عن التفكير والإرادة عن الفعل، وبلغنا سدرة التيه، بينما الأبطال هناك في ساحات الذود عن ما تبقى من كرامة، يجودون بأرواحهم.
لاشك أنك تلتقي بالقادمين اليك ، فلا يقدم إليك منهم سوى أمثالك طهرا ونبلا.
سقط في هذه المعركة، قادة عظام أفذاذ بعدك أخي الحبيب من أولئك الذين تسجل صفحاتهم في التاريخ، وسقط جنود لو شق بهم البحر لحرثوه بدمائهم. يفعلون ذلك وسط ظروف توفرت على كل عوامل الإحباط والتآمر والتراخي والتآكل، لكنهم يصنعون النصر باأرواحهم وعزائمهم التي لا تعرف المستحيل .
كلما لاحت ذكرى رحيلك الدامي، تلوح أمامي روحك وأنت تحدق فينا باعثاً الأمل وسط العواصف ومحتشداً بالحب في قلب الضغائن.
مثلك لا يمت يا محمد.
لقد علمتنا أن التضحية من أجل الوطن بلا سقف وأن نحارب حتى الرمق الأخير، وإذا دهمنا الحزن، علمتنا، أن نحزن حتى الكمد الأخير. علمتنا أن نبتسم حتى اللحظة الأخيرة كما يليق بشهامة الفرسان، وحين نطل في الذكرى مع النور لا نطل إلا مبتسمين كما أتخيلك الآن مبتسما في ضيائك.
لك وللشهداء الرحمة والخلود
وللوطن الإنعتاق والنصر.
10يونيو 2021