القاضي العمراني ظل شمسا تهب العقل والروح ضيئا واصطفاه الله مزنا ساكبا ينبت منه روائع العلم ورقي الأفكار و وسطيةً واعتدالا .
لحق القاضي العمراني بالرفيق الأعلى لكن الله عز وجل جعل من ذكراه وعلمه الراسخ في عقول الرجال وبطون الكتب أنجما يهتدي بها كثير من الناس إلى رحاب الحقيقة و شطآن الصواب وذرى المجد .
طلابٌ كُثر نهلوا من معين القاضي العمراني وحملوا علمه وأضافوه إلى كثير مما تعلموه في الجامعات ولدى كثير من العلماء غير أن ماتعلموه من القاضي العمراني كان له مذاقه الخاص ونكهته المتفردة على غيره لما يتمتع به القاضي من سعة علم حتى لكأنه موسوعة شاملة من العلوم والمعارف المتعددة ولأسلوب القاضي السهل والممتع وطريقته الشيقة والمثيرة للدافعية للتعلم والمحفزة لاستلهام واستيعاب كل حرف من فِيهِ حتى لكأنه الندى في حلقات الفجر أو الظل والغيث في دروس الظهيرة أو النسيم في حلقات مابين مغرب وعشاء.
لم يمت القاضي العمراني إلا جسدا طاهرا مباركا وظل حيا بعلمه في قلوب طلابه والذين أصبحوا اليوم علماء أفاضل وزينوا علمهم بشهادات أكاديمية عليا متعددة ومتخصصة غير أن لآلئ القاضي العمراني تُطرز علومهم وتلمع في مصنفاتهم وأطروحاتهم وأقوالهم .
كما أن القاضي العمراني لم يقتصر علمه ومايدرسه على مذهب واحد كـحال علماء الهادوية والذين يدورون في مستنقع الإمامة ويطوفون في مغاراتها المظلمة فإن من يرِدون حوض القاضي ويبحرون معه ويدورون في فلكه كانوا من مختلف مناطق اليمن وأبنائه ومن خارجها فكانت حلقة درس القاضي بوتقة ذابت فيها كل أشكال العنصرية والسلالية والطائفية والمناطقية وكانت كل مخرجاتها تدعو لنبذ كل أشكال العصبية وترفع شعار الوسطية والإعتدال وبحرا تقذف خارجها كل دعوات ودعاة الغلو والتطرف .
لقد برز ونبغ كثير ممن تأثر بالقاضي العمراني واقتفى أثره الوسطي والمعتدل بل وحاكاه في مظهره ومنطقه التقليدي وعاميته السهلة الممتعه ولعل الشيخ العلامة الدكتور محمد الوزير حفظه الله هو أحدهم ومن المكثرين من عِلم القاضي العمراني فهل سيتبوأ مكانة شيخه ويحظى بمقامه أم أن غيره هو أجدر بهذا المقام ؟!
رحم الله القاضي العمراني ورفع مقامه وذكره وحفظ الله كل طلابه ومن نهل من حوضه وجعلهم خير خلف لخير سلف.
....