في اليمن، لدينا قوى سياسية تتصارع على الحكم، إلا أن معظمهم وللآسف مازالوا يعيشون في الماضي، ويحنون إلى تفاصيله، بسبب عدم قدرتهم على خلق نماذج حكم للحاضر. فهناك من نجده يتغزل بعهد عُمر بن الخطاب والسلف الصالح، وهناك من ربط نفسه وفكره ببعير من بُعران قافلة علي والحسين، وآخرون أوثقوا أنفسهم بعربة جمال عبدالناصر، وهناك من دلف بنفسه إلى عهد ستالين، ومنهم من يعيش في عهد ميشيل عفلق وحافظ الأسد، والبعض نجده يعيش في عصر صدام، وهناك من هو مهووس بالخلافة وآخرون بالولاية، وهناك من أفنى عمره بباب السرداب منتظرا لخروج الإمام الغائب ليأتي ليحكمنا، وهناك من يريدنا أن نأكل ونشرب حسب طرائق أئمة المذاهب، الذين ماتوا قبل ألف عام.
الميدان مليئ بجيوش ماضوية، تتمنطق بالسيف والنبل والرمح، وتحتمي بالترس والخشب.
هناك من يريد العودة باليمن إلى عهد التشطير، وهناك من يسعى لإعادة حكم السلاطين، وهناك من يقتل ويُقتل لإعادة اليمن إلى عهد الإمام والكتن..
وهناك من لا يرى اليمن إلى من خزقي 2011م، وآخرون من خرم 2014، والبعض من شاقوص يوليو 1978م..
لن نجادلهم في أفكارهم ونظرتهم للماضي، وفي تقديرهم لشخوصه، إلا أننا نحب أن نقول لهم، خذوا العِبر من تلك العهود المنصرمة، وغادروها إلى عالم اليوم، ولا تظلوا تعيشون وتُعيشون الناس فيها، وتَغرقون وتُغرقون الناس بسردياتها، فلكل زمان دولة وحال ومقام ورجال.
غادروا مغارات الماضي، وأخرجوا من مخابئكم وكهوفكم، وواجهوا الحاضر واستعدوا للمستقبل. أنسوا خلافاتكم واحقادكم القديمة من أجل اليوم والغد، ومن أجل الولد والحفيد.
الماضي لن يطعم جائع، ولن يُعمر دار. الحنين للماضي لن يبني الحاضر ولن يؤسس شيئ للمستقبل
فكروا بعقلية اليوم، وحاولوا ولو لمرة واحدة أن تنظموا أنفسكم في تكتلات معاصرة، بمشاريع حديثة، تنتمي لليوم، وإلى اليمن وليس إلى الماضي، وبشخوص تعيش الحاضر وتفكر للقادم.
أعتذر منكم إن كنت أيقظتكم من سباتكم، وقطعت عليكم تأملاتكم في ماضيكم التليد.
عبدالوهاب طواف
المملكة المتحدة
24 أغسطس 2021م