2022-12-02 الساعة 09:50م
ونحن نمتلئ فخرا في ذكرى جلاء آخر جندي محتل من أرضنا الحبيبة، يجب أن نستذكر التاريخ، فقراءة أحداثه كما اؤكد دائما يفسر كثيرا من اسقاطات الحاضر وتفاعلاته، ويقدم إجابات لأسئلة تطرح نفسها بقوة في اعتمالات اللحظة المعاشة.
جزء من أسئلة اللحظة تتعلق بفهم مواقف المجتمع الدولي، التي تبدو اليوم متماهية مع إرهاب جماعة ايديولوجية تقدم نفسها تهديدا محليا واقليميا ودوليا، وفي مقدمة تلك المواقف تتصدر بريطانيا مهمة ذلك التعامل المتواطئ والمشجع لجرائم الحوثي، بل وصلت الى حد الحماية له من أي تحرك محلي أو دولي ينهي خطره، ويكبح إرهابه.
هذا السلوك البريطاني امتداد لجرائم التصقت بقوة استعمارية قدمت أسوأ الأمثلة في قهر الشعوب وتفتيت الدول، حتى في تلك اللحظات التي اضطرت فيها للجلاء تحت ضربات الشعوب ونضالاتها، حرصت على أن تترك في تلك الدول جذور الصراع، وتبقي فيها بذور تدخلات مستقبلية قادمة.
في بلادنا لم يكتفِ هذا المحتل الغاشم أن يظل جاثما على الجنوب لأكثر من مائة وثمانية وعشرين عاما، مارس فيها أسوأ الأنظمة القمعية، بل عمل جاهدا لتكريس الانقسام بين إمارات وسلطنات الجنوب من ناحية، والتعامل مع اليمنيين كمواطنيين درجة ثانية، ومواجهة أي رغبة في التحرر بالقمع والنفي والاقصاء.
وفي علاقة مبكرة تخادم الاحتلال البريطاني مع نظام الكهانة في الشمال، والتقت مصلحة الطرفين في تكريس التقسيم لليمن، ليتوج ذلك الفعل الأثيم بالتوقيع على ما سمي معاهدة الصداقة والتعاون في 11 فبراير 1934 م بين الكاهن يحيى حميد الدين وبريطانيا والتي نصت على ترسيم الحدود ورعاية مصالح الطرفين، وهو أيضا ما سهل للطرفين الاستفراد بكل شطر وتحقيق اهدافهما فيه.
التعاون والرعاية البريطانية لنظام الإمامة بلغ ذروته بالدعم غير المحدود الذي قدمه الانجليز لمحمد البدر في حروبه ضد ثوار سبتمبر، وهو ما كشفت عنه الوثائق البريطانية ذاتها، والتي أكدت أن بريطانيا الحريصة على استمرار الملكيين في الحكم قدمت دعماً سمح بمرور قوافل السلاح لإمداد قوات الإمام، وإرسال فرقة من الخبراء، لمساعدته في التخطيط للحرب ولتدريب الجنود، وإمداد الملكيين بطائرات مقاتلة، فضلاً عن ملايين الجنيهات، وطلبها من الكيان الصهيوني دعم البدر وهو ما حدث من خلال جسر جوي لنقل الأسلحة والقصف المباشر، بحسب وثائق بريطانية واسرائيلية.
ونحن إذ نستعرض حقائق هذا التخادم بين استعمارين، بريطاني - سلالي, سنجد الاجابة الواضحة والتفسير المنطقي لحاضر هذا التخادم اليوم، فبريطانيا تلعب ذات اللعبة في خدمة المشروع الإمامي في اليمن، وهي وإن تغيرت الأهداف في الاستعمار المباشر، تمارس ذات السلوك في توظيف التناقضات لتحقيق مصالحها ومصالح قوى دولية تعتمد عليها لإشعال المنطقة، ولن تجد افضل من الحليف الجديد القديم في اليمن، لتنفيذ تلك الاهداف.
بريطانيا، وهي حاملة القلم في الملف اليمني في مجلس الامن، أعلنت في أكثر من موقف وقوفها الصارخ مع استمرار بقاء جماعة الحوثي الارهابية، فمن إفشال تحرير الحديدة، إلى الضغط في فرض رؤى عبثية للسلام، وانتهاء بموقفها الأخير على لسان سفيرها من جرائم الإرهاب الحوثي ضد موانئ اليمن، وإصراره على إدانة فعل الإجرام دون تسمية المجرم وإدانته.. كلها شواهد، تجعل من الواجب أن تتخذ الحكومة الشرعية موقفا حاسما ضد التوظيف والعبث، وهزيمة تخادم الانتهازية الدولية والإرهاب المحلي.