2023-04-10 الساعة 10:09م
السلام مطلب كل إنسان عاقل، وهو المطلب الرئيس للشرعية ولدول التحالف.
نحن مع السلام، حتى بتنازلات مؤلمة، ولكن سلام عادل ودائم، وتحت مظلة الدولة والمواطنة المتساوية، وانطلاقًا ووصولًا إلى تحقيق مصالح الشعب اليمني العزيز.
لا نلوم السعودية في مساعيها لإنهاء وتصفير المخاطر والتهديدات المحيطة بها، وحرصها على حماية أمنها القومي، وسعيها للتفرغ لاستكمال حلقات نهضتها الجبارة( 2030)، فقد كانت المملكة وما زالت الداعم الأول والأكبر والأصدق لأمن واستقرار وتنمية اليمن، والأرض الطيبة التي فتحت ذراعيها وقلبها لملايين من أبناء الشعب اليمني، ولم ولن ننكر أو نتنكر لما قدمته لليمن خلال السنوات الماضية.
ذهاب الرياض إلى بكين، هو نجاح سياسي ودبلوماسي هام لها؛ للتخلص من ابتزاز البعيد وتآمر القريب، وتسييجًا لأمنها وتحصينًا لمقدراتها، ولكن إذا نظرنا للأمر من زاوية اليمن، فقد ذهبت وحلفائها وأنصار الدولة اليمنية في حالة ضعف وتشرذم وانكسار، في مواجهة أنصار المشروع الهاشمي الشيعي؛ المتسلحين بدعم قوي من إيران، وبعقائد مذهبية زيدية وطائفية هاشمية ماضوية، تصادم أمن واستقرار المنطقة.
برأيي أن ماجرى ويجري حاليًا من محاولات لإحلال السلام في بكين ومسقط وبغداد تصب في صالح الأشقاء في الرياض إلى حد بعيد، ولكنها لن تثمر ثمار صالحة لأبناء الشعب اليمني الكبير، بل ستصب لصالح فئة مذهبية صغيرة في اليمن، ولفئات كثيرة خارجه، وستؤسس بيئة صراعية جديدة، نظرًا لعدم وجود مرتكزات وأسس واضحة وصالحة؛ لصنع سلام حقيقي في اليمن.
أعتقد أننا اليوم ذاهبون إلى مستنقع محاصصات مذهبية وطائفية ومناطقية، شبيهة بمستنقعات العراق وسورية ولبنان، وإلى نظام ولاية شبيه بنظام ولاية إيران، وبنسخة هاشمية زيدية فارسية؛ ستكون هي الأشدّ والأفتك والأسوأ بين مثيلاتها الفاشلات.
فجذور اندلاع الحروب الثمان ( تم إضافة حرب إسقاط صنعاء والحرب الأخيرة) ما زالت موجودة، بل أصبحت تلك الجذور شجرة كبيرة؛ لها سيقان وثمار مسمومة.
برأيي إنتهت المواجهة العسكرية لاِستعادة الدولة اليمنية، وبدأت معركة اليمنيين السلمية الكبرى مع مشروع بني هاشم، وضد خرافات الولاية وأحلام الإمامة.
بدأت معركة الوعي اليمنية بين الخير والشر، بين القلم والبندقية، بين الدولة والميليشيا، بين المدرسة والبدروم، بين الكتاب والملزمة، بين المسجد والضريح، بين الهوية اليمانية والهوية الإيمانية، بين المواطنة المتساوية والهاشمية العنصرية، بين العلم والخرافة، بين الحاضر والماضي.
نعم سنذهب خلف السلام، وحتى خلف سرابه، بل ومستعدون للقبول بعبدالملك رئيسًا لليمن، على أن يأتي من حزب سياسي لا من سرداب طائفي، وعبر صندوق الاقتراع لا عبر عمامة سوداء، فهل سيوافق أن يكون رئيسًا لليمن لا إماما لسلالة بني هاشم؟
هل سيقبل أن يحكم من الواجهة لا من السرداب؟
هل سيرضى أن يحصل على مغانم السلطة ويتحمل مغارمها؟
هل سيوافق أن يحكم بالدستور لا بالولاية؟
هل سيحتكم إلى القانون لا إلى البندقية؟
هل سيحترم هويتنا اليمانية أم سيتخندق خلف هوية فارسية هاشمية؟
كان يتمنى المواطن اليمني أن يرى سفير خادم الحرمين الشريفين ذاهبًا إلى صنعاء انطلاقًا من عدن، عدن التي كان يُفترض أن تحتضن كامل قيادات الدولة اليمنية.
في الأخير، أحب أن أهمس لقيادتنا السياسية: نحن نثق فيكم وفي وطنيتكم ولن نشكك في حرصكم على اليمن الكبير، والجميع يراقب ويتابع تحركاتكم، فلا تخذلوا أنفسكم والدولة والجندي والشهيد والجريح والنازح والمُشرد والمنهوب والمظلوم والمختطف والمعاق والمحاصر، فنحن أمام مفترق طرق، إما أن نسير جميعًا إلى دولة للجميع، أو أن نُسحب فُرادا إلى سجون سوداء لسلالة لا ترحم.
نداء أخير: مأرب وصافر مهددتا اليوم بالسقوط أكثر من أي وقت مضى، فالجماعة لا تتسرب ولا تنتشر إلا من ثُلم خلافاتنا ومن ثقوب صراعاتنا، ومن خلال اتفاقات السلم والشراكة.
سنظل نثق في أشقائنا السعوديين، كما سنمضي خلف قيادتنا السياسية، ونتمنى أن يقودونا إلى سلام عادل ودائم، ونؤكد أننا لن نخضع ولن نستسلم ونسلم إلا لدولة المواطنة المتساوية.
خواتم مباركة.