2023-05-17 الساعة 03:06م
نحن مع إنصاف من يستحق الإنصاف في الجنوب، ومع جبر الضرر لمن تضرر من أهلنا هناك، ولكن من الإنصاف أن يكون الإنصاف سلوكًا عامًا للدولة، ويسقط على كل أبناء اليمن، ما لم سيتحول هذا الإنصاف إلى ظلم إن سقط على البعض وسقط عن البعض.
يا إخواني في الجنوب:
أنتم تعرفون منذ انتخابنا للرئيس عبدربه في 2012، رضينا وباركنا أن يعمل بكادر جنوبي بنسبة تفوق 70%، حرصًا منا على إنصافكم وجبر خواطركم.
ومنذ جائحة الحوثية في 2015، وبدء عاصفة الحزم، تمت تصفية معظم أبناء الشمال من مؤسسات الدولة الشرعية، بنسبة وصلت إلى حوالي 90% في كل الوزارات والسفارات، وما زال الحال قائمًا إلى يومنا هذا، وما زلنا نحترم هذا الوضع حبًا في الوحدة، وتقديسًا لتاريخ اليمن الكبير، وقناعة أن أبطال الجنوب وأرض الجنوب هم قاعدتنا الأساسية لاستعادة الدولة المسلوبة، ودحر الإرهاب الزيدي عن الشمال والجنوب.
أعلم أن قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بشأن إعادة 52 ألفا من أهلنا في الجنوب تم بموجب قرارات وتفاهمات ولجان شُكلت في 2013، وهدف قرار الرئيس إخراج هذا الملف من متاهات الفساد وسراديب الاستغلال والابتزاز الذي حدث في الماضي إلى نور التنفيذ والمعالجة الجذرية، وهذا أمر مهم وصائب، ويصب في صالح الجميع.
وبرغم صوابية هذا القرار إلا أن هناك تساؤلات تطرح نفسها، أين مؤسسات الدولة التي ستستوعبهم؟ وهل سيعودون إلى مؤسسات دولة اليمن الموحد التي ما زالت مُختطفة، أم إلى مؤسسات دولة الجنوب التي ما زالت غائبة حتى الآن؟
وقبل ذلك هل إعادة هؤلاء من أولى مهام المجلس الرئاسي أم أن مهمته المقدسة والأولى هي اِستعادة مؤسسات الدولة المنهوبة؛ لضمانة عودة الموظفين الحاليين المبعدين عن وظائفهم منذ نكبة بني هاشم، ولاستيعاب من تكرمتم بتوقيع قرار إعادتهم؟
يا إخواني في الانتقالي:
لا يجوز أن تظلوا تطالبون بكل التعيينات لمناصب دولة الوحدة من جهة، في حين أنكم تبحرون في قارب دولة الجنوب وحدكم من جهة أخرى، ولا يجوز إقرار إعادة 52 ألف موظف جنوبي، إضافة للأعداد الهائلة الذين تم إعادتهم وتوظيفهم وترقيتهم خلال فترة الرئيس هادي، في الوقت الذي أصبح فيه كل موظفي الدولة من الشمال خارج مؤسسات دولتهم؛ بسبب الإقصاء المتعمد داخل مؤسسات الشرعية، أو بسبب العنصرية الهاشمية في صنعاء.
يا إخواني في المجلس الرئاسي:
عودوا إلى المبررات القانونية التي بموجبها تم تشكيل مجلسكم الموقر، وتعيينكم فيه في أبريل 2022، فهل ستجدون فيه فقرة واحدة تنص على ما يحدث اليوم؟
وجودكم في المجلس يستمد شرعيته من مباركة وتأييد كل أحزاب ونخب ومناطق اليمن الكبير، وما يأتي من قرارات وسياسات خلاف ذلك فهو باطل، وطحن في الهواء وحرث في بحر!
يا إخواني الأعضاء في قيادة المجلس الرئاسي من الجنوب:
نبارك توحدكم تحت راية المجلس الانتقالي برئاسة المناضل اللواء عيدروس الزبيدي، وشخصيًا أنا معكم ومؤيد لما ترونه صالحا للجنوب، ونحترمكم ونقدر تضحياتكم ضد المليشيا السلالية، ولكننا نشعر اليوم أن جُل عملكم في المجلس الرئاسي يهدف فقط لتفريغ مؤسسات الدولة اليمنية الواحدة لصالح دولة الجنوب، وإنهاء للشرعية اليمنية المعترف بها داخليًا وخارجيًا لصالح دولة غير موجودة في الواقع القانوني والجغرافي حتى الآن، وغير معترف بها في الخارج، وهذا لا يستقيم دستوريا وقانونيا، ولا يحله دين أو عرف أو عقل أو منطق.
وفي ظل استمرار هذا التخبط، سنجد أنفسنا جميعًا بلا دولة موحدة أو مجزأة، أمام مليشيا زيدية لا ترحم، ولا ترى لليمنيين فضل أو حق.
عتبي على قيادات ونخب الشمال؛ الذين اختفوا وتواروا عن المشهد، وبعضهم فضل التخييم في المنطقة الرمادية، وقسم منهم فضل النوم في الحياد، ومنهم من انشغل بتركيا والقدس، وبعضهم جند نفسه لشن الحملات والتخوين لقيادة وأعضاء المجلس الرئاسي، والبعض الآخر رهن نفسه لصالح تحقيق مصالح دول خارجية لا تمت بصلة لمعاناة اليمن الكبير، ولحال أهلنا المظلومين والمسحوقين في الشمال.
أين اختفوا من كانوا ينتقدون حتى لون كرفتات علي عبدالله صالح، خلال فترة حكمه؟
الخلاصة نرى اليوم قيادة الجنوب تملأ المكان، وصار لها مكان ومكانة وأثر وتأثير، في الوقت الذي لم نعد نرى أثرا لقيادات الشمال في المكان، ولا مكانة وتأثيرا لهم في قلوب الناس واهتماماتهم، فقد صار الجميع كالغنم بلا راع!
نسأل الله حُسن المخرج.