أهم الأخبار
مصطفى الجبزي

مصطفى الجبزي

السلام يستقيم بالضمير السليم

2023-08-18 الساعة 05:44م

السلام في اليمن قرين العدالة الانتقالية وبناء دولة مواطنة للجميع ما دون ذلك ضحك ومهزلة. في الوقت الراهن، محافل السلام العديدة هي مناسبات لبناء علاقات.

يمكن فهم موقف حذر ومخاتل لشاب في مقتبل العمر وبداية المضمار المهني والسياسي تحديدا. يريد أن يتلمس طريقه في السلم الاجتماعي ويضع قدمه على خطوات المجد. لذا قد يميل إلى المواربة والكلام الأجوف ولن يثير حفظة أحد والجميع عنده سواء مبلولين بالخطيئة.

لن يتمكن من التمسك بمعيار صلب كالدولة وصرامة القانون والنظام الجمهوري والشرعية الدستورية والعقد الاجتماعي.

لا معنى لديه لانقلاب، انفصال، حكم ميليشيات.

لكن اللائمة ستقع حتماً على من ختم مضماره المهني وعاش مراحل بناء الدولة واكتوى بنار نهب المال العام وافتكاك الدولة في ولاءات وجحيم مذاهب التطرف ثم يضع للناس خطاباً مائعا لا تستقيم معه حقيقة ولا يقوم حق.

لا أفضل من هذا السن لمصارحة الأجيال. لأن الحكمة قرينة الصدق كقيمة فضلى.

تتحمل النخب مسؤولية كبيرة في تمييع القضية اليمنية وإنزالها من موقعها إلى مواقع أخرى يضيع فيها الدم المهدور والحقوق المنتهكة ونضالات اليمنيين منذ عقود في بناء وطن يحتضنهم ونظام يدافع عن مصالحهم وهوية تجمع تنوعهم.

والمسؤولية أكبر على الجيل الراشد الذي تجرجره أطماعه وشرهه إلى ضعف.. ضعف أمام السعي إلى الجاه الزائف والمحاباة على حساب حقوق أجيال ومستقبل اليمنيين والتلظي بالمانحين والمقرضين والواعدين وتبني بلاغتهم وإسقاطها على اليمنيين أو اللجوء لموقف السائح الغريب الذي يبحث عن متعة مؤقتة وسفر قصير ثم يعود ينسج الحكايات.

لا فرق بين من يفرط بتراب البلاد وسلامتها ومن يعرضها سلعة في أسواق القوى الإقليمية والدولية. بين من يفرط في المال العام وينهب ثروات البلاد ومن يجعل من الوضع اليمني مصدراً للاسترزاق والإثراء بالتباكي تارة وطمس الحقائق تارة أخرى.

لا فرق بين الكذب باسم الوطنية أو الكذب باسم الحياد.

لا يثق اليمنيون بالسلطات القائمة لكنهم لا يملكون ترف الاستغناء عن سلطة تدير شؤونهم وتؤمن بعضهم من بعض.

وبقدر غياب ثقتهم بالآليات الإقليمية والدولية لا يثقون بالنخب وعلية القوم وأشكال النضال الطارئ الدائر في مدار المحافل الخارجية.

ينفرون من هذا الاستعلاء الثقافي والتماهي في بلاغة مغترِبة عن وجدانهم ومنفصلة عن حقوقهم. ويزيد نفورهم حين يدخل في الأمر فساد مالي وهدر حقوق ومشاريع وهمية.

وهناك من يستغل هذا النفور ليكرس أيديولوجيته وانغلاقه وتزمته للتضييق على الفضاء العام والمجال الاجتماعي والإنساني والخيري.

النخب السياسية والفكرية والمجتمع المدني أمام مسؤولية كبيرة في هذا التضييق؛ بالتقصير في اعتماد مبادئ حوكمة ومسؤولية اجتماعية وشفافية مالية يفسح المجال للمتقولين والمتزمتين، لأنه يتحول إلى ركن من أركان الاستبداد بعدم تمسكه بدمقرطة داخليه، وممارسته لإقصاء ذاتي عن المجتمع وهمومه.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص