أهم الأخبار
فتحي ابو النصر

فتحي ابو النصر

ما الذي يريده المبعوث الأممي "الطويل"؟!

2024-07-17 الساعة 06:06م

في خطوة أثارت العديد من الانتقادات، دعا المبعوث الأممي إلى اليمن إلى حوار اقتصادي مع الميليشيات الحوثية. تأتي هذه الدعوة في وقت يعاني فيه اليمنيون من أوضاع اقتصادية كارثية جراء الحرب المستمرة منذ عقد من الزمن. الدعوة إلى حوار اقتصادي مع الميليشيات تبدو وكأنها اعتراف بشرعيتها، وهو ما يبعث برسائل خاطئة إلى المجتمع الدولي والشعب اليمني.
 

 

ومع مرور عشر سنوات من الحرب في اليمن، يظهر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، غير داعم للحكومة الشرعية، بينما يتعامل مع العصابة الحوثية وكأنها صاحبة حق. هذا الموقف غير المفهوم يدعو إلى القلق ويثير تساؤلات عديدة حول أهداف واستراتيجيات الأمم المتحدة في اليمن. دعوة المبعوث الأممي إلى حوار اقتصادي مع الميليشيات تعزز هذه التساؤلات، وتفتح بابًا للنقاش حول المخاطر المحتملة لهذه التحركات.

 

إن تجاهل دعم الحكومة الشرعية والاعتماد على الحوار مع الميليشيات يحمل في طياته مخاطر كبيرة على المستقبل السياسي والاقتصادي لليمن. فالحكومة الشرعية، المعترف بها دولياً، تعتبر الركيزة الأساسية لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد. عدم دعمها يؤثر سلبًا على فرص إعادة بناء الدولة واستعادة الثقة بين المواطنين.

لذلك يجب على المجتمع الدولي تعزيز دعمه للحكومة الشرعية والالتزام بقرارات مجلس الأمن التي تؤكد على وحدة اليمن وسيادته واستقلاله. قرارات مجلس الأمن، مثل القرار 2216- الذي يسخر منه الحوثيون في وسائلهم الإعلامية ويسمونه المرحوم-تعتبر المرجعية الأساسية لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن. الالتزام بهذه القرارات يعزز من فرص التوصل إلى حل سلمي شامل وعادل للأزمة اليمنية.

 

 

والحال إن الضغوط التي يمارسها المبعوث الأممي على الحكومة اليمنية الشرعية للحوار مع الحوثيين تحمل مخاطر كبيرة على النظام المصرفي في البلاد.

فإذا تم إجبار البنوك على البقاء في مناطق سيطرة الحوثيين، فهناك احتمال كبير أن تقوم المليشيات بنهب أموال البنوك أو مصادرتها، مما يهدد استقرار الاقتصاد الوطني ويزيد من معاناة الشعب اليمني أيضا.

 

والبدهي أنه يجب على الحكومة الشرعية أن تثبت جديتها في استعادة السيطرة والشرعية من خلال اتخاذ خطوات فعالة مثل دفع رواتب الموظفين- أو حسم المعركة عسكريا -مما يظهر رغبتها في إعادة بناء الدولة واستعادة الثقة بين المواطنين. تحقيق ذلك يتطلب إدارة فعالة الة وواعية للوضع المعقد في اليمن، وتعاون وثيق مع المجتمع الدولي.

 

على أن البنوك الموجودة في صنعاء واجهت طلب البنك المركزي في عدن بنقل مقراتها بتوضيحات منطقية خلال اجتماعاتها مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في عمان، مشيرة إلى أن مصلحة مودعيها تتطلب البقاء في صنعاء، حيث يشكلون أكثر من 90% من عملائها وتقدم الخدمات في سوق يسيطر عليه الحوثيون بنسبة كبيرة.

 

ثم إن نقل البنوك إلى مناطق أكثر أماناً يتطلب ضمانات أمنية قوية وفترة زمنية طويلة لتحقيق ذلك، وهي أمور صعبة التنفيذ في ظل الأوضاع الحالية-ولنكن واقعيين - هذا القرار يجب أن يكون مستنداً إلى إدارة فعالة وواعية للوضع المعقد في اليمن.

 

إن الاستمرار في تجاهل دعم الشرعية والدعوة إلى حوار اقتصادي مع الحوثيين يحمل في طياته مخاطر كبيرة. قد يؤدي ذلك إلى تعزيز نفوذ الميليشيات وإطالة أمد الصراع، مما يزيد من معاناة الشعب اليمني. بالإضافة إلى ذلك، فإن المخاطر الاقتصادية المترتبة على هذا النهج قد تؤدي إلى انهيار النظام المصرفي وزيادة الفقر والبطالة.

 

 

الأسوأ من هذا أن يتمكن الحوثيون من الاعتراف الدولي بهم ، ما يجب على المجتمع الدولي إن كان لديه بقايا ضمير - أن يدرك أن دعم الحكومة الشرعية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن.

بل على الأمم المتحدة والمبعوث الأممي أن يلتزموا بقرارات مجلس الأمن وأن يمارسوا ضغوطا حقيقية على جماعة الحوثي لوقف انتهاكاتها والالتزام بعملية السلام وفقاً للمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. فقط من خلال هذه الخطوات يمكن لليمن أن يتجاوز محنته الحالية ويبدأ في بناء مستقبل أفضل.

* (المصدر أونلاين)

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص