أهم الأخبار
مصطفى الجبزي

مصطفى الجبزي

ما لا يمكن مواراته في هذه الأزمة

2024-07-28 الساعة 05:26م

‏تتعمد مؤسسات الشرعية الغياب في أكثر اللحظات التي يجب أن تكون فيها حاضرة وتتواصل مع الناس وتوضح لهم ما حصل وتشرح موقفها. تتركهم فريسة للتكهنات والدعاية المضادة ومروجي الهزيمة أو الباحثين عنها وإن قالوا إنهم في صف الشرعية.

‏إن الشعب لن يتخلى عن شرعيته وعلى استعداد لمؤازرتها وصمته عن سوء الأحوال المعيشية وسوء الإدارة والترهل المؤسسي هو جزء من الثمن الذي يدفعه عن وعي في هذه المعركة.

‏إدارة السياسات البنكية حق أصيل للحكومة وهو السبيل الأقل كلفة للحفاظ على مقدرات البلاد وصون حقوق المواطنين المالية. هذا الأمر يستحق أن تفاوض الحكومة من أجله وتصمد أمام أي ضغوطات وتضع شروطا قابلة للتحقيق وتتمسك بها.

‏عوض عن أن تتكيء الحكومة على السعودية اتكأت السعودية على الحكومة لمداراة مزاج الحوثيين.

‏مع الوقت سيكون ثمن بقاء التحالف أكبر من غيابه. يخشى الفاعلون الإقليميون (بما فيهم إيران) استئناف الحرب أكثر مما يفعل الفاعلون المحليون. ولا سبيل لهم إلا التضحية بالطرف المحلي.

‏ستلاقي الحكومة الشرعية ضغوطا قاتلة من حلفائها أكثر مما قد تلاقيه في ما لو خاضت معركة مع الحوثيين. وعليها أن تزن الأمر.

‏يتعرض الشارع العام المناصر للشرعية لجرعات عنيفة من خيبة الأمل معمولة بنقص معطيات وسوء وتواصل ودعاية مكثفة واستنفار لذوي الروح الانهزامية ممن يقفون في صف الشرعية لكنهم أقرب إلى الحوثي لإيمانهم بالقوة والقوى العارية فقط لا بالحق والتضحية اللازمة من أجله.

‏أثر هذه الصدمات خطير وقد يقود إلى انهيار مفاجيء وغير متوقع.

‏توالت الجرعات وخرج منها الشارع بروح معنوية عالية مردها أن الناس يومنون بمشروعهم ويعرفون خصمهم جيدا لذا ينبغي التعامل بإحساس عال مع هذا الأمر.

‏الشرعية وكل مكوناتها خصوصا الانتقالي والمقاومة الوطنية غير مرتبطة عضويا بالشارع ولم تاتي عبره.

‏هي تركيب طاريء تم بالتحايل على الوسايل الدستورية لضرورات مرحلية وبحكم الأمر الواقع.

‏إنها خبزة الضرورة التي سيقبل بها الجائع. لكن قد يتأفف منها في لحظة ما. هذا البناء الفوقي يتوقع انه غير محاسب ويتغافل مكر الأيام. وهو بهذا يراعي حسابات القوى الاقليمية والخارجية أكثر من القاعدة الجماهيرية التي انفصل عنها.

‏حتى وإن تصاعدت أصوات معارضة باسم ذا أو ذاك فهي أولاً تخالف آلية اتخاذ القرار وتتهرب من مواجهة مسؤوليتها ثانيا تستغفل جماهيرها قبل كل شيء.

‏بسبب حماس الناس لمواجهة الحوثي والخلاص من هذا الكابوس يتم تصوير أي معركة على أنها معركة نهائية وأن الأداة المستخدمة هي الأداة الأمضى والجانب المصرفي ليس إلا واحدة من الأدوات.

‏ما تزال الأداة الاقوى هي الجيش وقوى الأمن والقوى المسلحة ويجب الحفاظ على هذه وصون معنوياتها وتجهيزها لمعركة مؤجلة بلا شك.

‏يظهر جليا أن أقل طرف يخشى مواجهة الحوثي عسكريا هي قوى الشرعية والحوثي يتعمد الضغط خارجيا ويستثمر مخاوف الخارج حتى لا يخوض معركة ومفتوحة مع القوى المناهضة له لم يعد الفوز عليها مضمونا.

‏تزعيم المعبقي حمل في طياته أمرين: بحث الناس عن بطل فردي مخلّص وتطلع الناس لبطولة مع جهل وتجاهل متعمد لآليات إدارة المرحلة وانكار لتنوع القوى في إطار الشرعية. خطأ استراتيجي من طرف الحكومة والرئاسة في كشف رجالاتها وجعلهم عرضة لضغوط شعبية وخارجية مباشرة ومتعارضة.

‏واضح أن الشرعية لم تتمكن من إعادة ترسيخ تقاليد إدارة الدولة. ولم يتمكن اعضاء مجلس الرياسة من ترسيخ صورة موحدة لهم تتصدر المشهد بكفاءة.

(من صفحة الكاتب على منصة إكس)

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص