2024-11-03 الساعة 11:25م
طوال الأسبوعين الماضيين يتعرض رئيس الوزراء الدكتور أحمد بن مبارك، لهجوم منظم، بطريقة توحي أنه تم وضعه هدفاً لحملات مستمرة، لا يبدو أن هذه ستكون آخرها.
الهجوم المستمر على بن مبارك، يحاول تحميله أوزار الحكومات السابقة، ومن قبلها تداعيات الانقلاب الحوثي على البلاد، وبصورة تنسف العقل والمنطق، وتظهر تحاملاً غير مبرراً على الرجل، الذي لم يمض وقتاً طويلاً على تسلمه مهام الحكومة، مقارنة بغيره.
من فلتات وعبارات المهاجمين، يظهر أن الدوافع الشخصية هي المحرك الرئيسي لهذا الهجوم، وأن لا دوافع منطقية حتى الآن تمنحهم الحدة في استهداف شخصيته، (أحياناً بصورة لا أخلاقية) وإلا فأين هذه الدوافع من قبل أن يتسلم بن مبارك الحكومة، ولماذا صحوة الضمير الآن والحديث عن الشفافية والنزاهة التي لم تكن حاضرة في السنوات الماضية كلها؟!!
الملفات التي يتم استهداف بن مبارك بذريعتها، هي الملفات المحمولة من الحكومات السابقة، ومن قبلها، وتداعيات التدهور الاقتصادي والمعيشي وفي العملة الوطنية، هي تراكمات وتركة ثقيلة، فلماذا يتم تحميلها بن مبارك فقط؟! ولماذا يتم تقديمه كبش فداء لأخطاء واختلالات مرحلة كاملة سبقه فيها من سبقه؟!
لست هنا في معرض الدفاع عن بن مبارك، فهو يستطيع أن يدافع عن نفسه، ولكني في معرض إيضاح أن ما يجري دافعه حظوظ نفس، وفي كثير منها مصالح خاصة، واستغرب من سلوك المهاجمين الخالي من الموضوعية والعقلانية، والذي وصل أحياناً إلى تجاوز حدود الأخلاق والأدب باستهداف شخصي، يشي إلى أن هناك دوافع لا علاقة لها بأداء الحكومة ولا بالمصلحة العامة للبلاد، ولا بعملية استعادة الدولة، وهي منظومة متكاملة.
نحن ضد عجز وتقصير بن مبارك أو مجلس القيادة أو أي مسؤول حكومي، وواجبنا جميعاً نقد وتصويب أي إخفاقات وفساد، لكن أن يكون ذلك النقد منطلقاً من دوافع وطنية بحتة دون الإنزلاق إلى مربع الإستهداف الشخصي ودون أن يتحول النقد إلى حملات ضمن صراعات مراكز النفوذ.
ما نعرفه جميعاً أن بن مبارك لا يستند إلى عصبة اجتماعية عتيدة، ولا نفوذ كبير، ولا قوة عسكرية، كما لم يأتِ من حزب سياسي يقف إلى جانبه ويدافع عنه، وليس لديه كتيبة من الصحفيين والإعلاميين والكتبة تدافع عنه، لذلك كان من السهل أن يكون الهدف، الذي يرمي عليه البعض تهم التقصير والفساد، وأن تكون التهم هكذا على عواهنها.
والحقيقة أنه كان متوقعاً أن يتعرض الرجل لحملات إعلامية منظمة، منذ ما بعد تسلمه للحكومة، خصوصاً بعد أن بدأ عمله ونزوله الميداني، والإجراءات التي شرع فيها في بعض الوزارات والمؤسسات، والتي أعتقد انها لم ترق للبعض، وزاد من ذلك فرط نشاطه في النزول للمؤسسات الحكومية في العاصمة المؤقتة عدن والذي يبدو أنه أثار حفيظة البعض، وأنا هنا لا أقول أنه قام بكل ما يجب أن يقوم به ولا أنه حقق نجاحات خارقة، ولكن الرجل يتحرك بفاعلية في الفترة القصرة هذه منذ تعيينه، ولا يستدعي الأمر كل هذه الضجة، خصوصاً حين تأتي من شخصيات لا تزال تحاول أن تقنعنا مراراً وتكراراً أن هذه مرحلة توحيد الصفوف، (أم أن بن مبارك مش محسوب على الصف؟!).
وما يثير الاستغراب، أن من أجهدوا أنفسهم في الحملة على بن مبارك، لم يحترموا عقول متابعيهم ويتحدثوا عن قضايا فساد محددة مسنودة بأدلة وإثباتات، ولم يقنعوا أحد بأنه المتسبب الوحيد في مشكلة واحدة من المشكلات التي هي في الغالب ضمن تركة المرحلة السابقة طوال عشرية سوداء من الانقلاب الحوثي، وكل ما يجري لا يعدو عن تسميته (عدم رضى شخصي عن الرجل) هذا في حال أحسنا الظن.
والآن هناك من يريد أن يحمل بن مبارك مسئولية تدهور الوضع الاقتصادي والمالي والمصرفي، الذي تبدو أسبابه واضحة، ولا يمكن معالجتها دون معالجة ملفات أكبر وقضايا هي أكبر من قدرة الحكومة وبن مبارك، وهناك من سيحمله مسئولية تأخير عملية استعادة الدولة، وآخرون سيحملونه مسئولية التراجع عن قرارات البنك المركزي، وبعضهم سيرمون عليه مسئولية عسكرية وأمنية، وهم في هذا متجاوزون للطرح المنطقي، الذي يجب أن يضع الأمور في إطارها الصحيح، دون تحامل.
واخيراً؛ وبقدر حرصنا على تصويب أداء الحكومة وكل مؤسسات الدولة بطريقة مسؤولة وتفعيل الدور الرقابي على أداء الممسؤولين فإنه ليس من مصلحتنا الانصراف نحو معارك صوتية بعيداً عن مكمن الخلل المتمثل في تعطيل موارد الدولة وتقويض المؤسسات التي يفترض أنها المعنية بمحاسبة المسؤولين المقصرين لأن كل هذا التهويش (ملاطمة العميان) يصب في رصيد إطالة عمر الانقلاب الحوثي والمشروع العنصري، واستمرار سيطرة المليشيا وإضعاف ما تبقى من رمزية الدولة.
* (المصدر أونلاين)