2025-05-14 الساعة 04:24م
لم تكن العلاقة بين سوريا والمملكة العربية السعودية يومًا علاقة عابرة تحكمها المصالح السياسية الآنية، بل كانت ولا تزال علاقة جذورها ضاربة في عمق التاريخ العربي، تعمدت بالمواقف الصادقة، وتجلّت في كل مفصل من مفاصل الأمة.
منذ عقود، والمملكة كانت حاضرة في المشهد السوري، دعمًا واحتضانًا ومساندة. ففي حرب تشرين عام 1973، أعلنت السعودية بقيادة الملك فيصل بن عبدالعزيز – طيّب الله ثراه – حظر تصدير النفط دعمًا لسوريا ومصر في وجه العدوان الإسرائيلي. كانت تلك خطوة تاريخية دوّت في العالم، وأثبتت أن السعودية لا تساوم في قضايا العرب، بل تقود.
وفي كل محنة عاشها السوريون، كانت المملكة سندًا، سواء عبر المساعدات الإنسانية أو المواقف السياسية المتزنة. وفي زمن الأزمة الأخيرة، ومع ما واجهته سوريا من حصار وعقوبات وعزلة، كانت السعودية – وعلى رأسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – تقرأ المشهد بعين العقل والقلب، وتستشرف ما بعد الألم: العودة والبناء.
لقد كان للأمير محمد بن سلمان الدور الأبرز في الدفع نحو إنهاء عزلة سوريا عربيًا، وفي فتح الأبواب أمام حوارٍ سياسي يضع مصلحة الشعب السوري فوق كل اعتبار.
بجهوده، وحنكته، وتوازنه، ساهم في إزالة كثير من العوائق التي كانت تحول دون إعادة دمج سوريا في محيطها العربي، وكان من أبرز المدافعين عن فكرة أن استقرار سوريا هو من استقرار المنطقة.
فرحة الشعب السوري اليوم لا يمكن وصفها. مشهد عودة بلدهم إلى الحضن العربي، وفتح السفارات، وبداية مرحلة جديدة، أعاد إليهم شعور الكرامة والانتماء.
يعبّر السوريون في الداخل والخارج عن امتنانهم الكبير للمملكة العربية السعودية قيادةً وشعبًا، ويخصّون بالشكر والعرفان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي كان صوته وموقفه ومبادرته بداية التحوّل التاريخي.
هذا الموقف النبيل لن يُنسى أبدًا في الذاكرة السورية.
لقد حفر في وجدان الشعب السوري عهداً من الوفاء، وعزز الثقة بأن الأمة، رغم الجراح، قادرة على لملمة صفوفها، وبناء مستقبلها، عندما تتقدّم الحكمة والنية الصادقة.
الشعب السوري، الذي عاش مرارات التهجير والانقسام، لن ينسَ مواقف الشعب السعودي النبيل، الذي فتح البيوت قبل الحدود، ومد يد الكرم والإخاء دون تمييز أو شروط.
أما الحكومة السورية، فقد عبّرت مرارًا عن تقديرها البالغ للدور السعودي، ولجهود الأمير محمد بن سلمان الذي كان ولا يزال صمام أمان عربي، وقائد مرحلة التصحيح والاستقرار.
اليوم، تبدأ سوريا عهدًا جديدًا، تسنده أخوّة عربية صادقة، وتدعمه قيادة سعودية حكيمة وضعت الإنسان أولاً، والعروبة نبراسًا، والوحدة طريقًا نحو الغد.
وما أصدق القول حين تتحوّل الأخوّة من شعارات إلى مواقف، ومن أقوال إلى أفعال... فبها تعود الأوطان، ويُبنى المستقبل.