حين نقرأ كلمات الإشادة بدعوة العميد طارق صالح لأبناء ريمة، لا يسعنا إلا أن نثمّن أي خطاب يوحّد ولا يفرّق، ويجمع ولا يشتّت. لكن، في خضم هذه العبارات المتفائلة، يغيب سؤال جوهري: هل نحن أمام اعتراف حقيقي بتضحيات أبناء ريمة؟ أم أنها مجرد لحظة خطابية جديدة تُضاف إلى سجل طويل من الوعود المؤجلة؟
ريمة لم تكن يوماً غائبة عن معارك اليمن الكبرى. شارك أبناؤها في التصدي للملكية الإمامية، ووقفوا سدّاً منيعاً أمام مشاريع الانفصال، وكانوا حاضرين بدمائهم ومواقفهم في مختلف المحطات الوطنية. ولكن، ورغم هذا الحضور، لا تزال هذه المحافظة خارج دائرة التأثير السياسي، ولا يزال أبناؤها على هامش مراكز القرار.
التقدير لا يُقاس بالكلمات، بل بالمواقع والمواقف. فالاحتفاء بأبناء ريمة في جلسة مقيل أو مهرجان، أو حتى دعوة معنوية للمشاركة في القتال، لا يكفي لردّ الاعتبار لتاريخهم وتضحياتهم. ما لم يُترجم هذا الاعتراف إلى تمثيل حقيقي في مؤسسات الدولة، وإشراك فعلي في صناعة القرار، فإن كل ذلك يبقى في خانة الاستهلاك العاطفي والسياسي المؤقت.
أبناء ريمة اليوم لا يريدون فقط أن يُذكروا عند الحاجة إلى بندقية، بل أن يكونوا شركاء في بناء الدولة، وصنّاعاً لمستقبلها. يريدون أن يسمعوا أسماءهم في التعيينات، في الوزارات، في المفاوضات، لا فقط في نشيد الحماسة والقتال.
من السهل أن نكتب عن "نظرة ثاقبة" أو "لقاء تاريخي"، لكن الأصعب هو أن نرسم لهذه النظرة طريقاً عملياً يفضي إلى التغيير الحقيقي. فهل سنشهد تحوّلاً نوعياً يُنصف ريمة، أم أننا أمام فصل جديد من سردية الإقصاء المغلّف بالمديح؟