أهم الأخبار
عبدالله الحرازي

عبدالله الحرازي

40 عاماً عن عبادة كيس الدقيق!!

2015-04-08 الساعة 06:55م

الأربعون هنا عمري هذا الشهر و أنا الشاهد وجيلي على طقوس الأكياس و براميلها.

حين اغتيل أنبل رجال اليمن الرئيس الشهيد الحمدي كنت في الثالثة من عمري ولا أشك أن والدي المغترب رحمهمها الله معاً كان همه فقط ككل يمني في هضبة الجوع أن يرسل قيمة كذا كيس بر و برميلين لتخزينهما.

أثناء حرب الخليج الثانية عام 1990م كنت في الخامسة عشرة من عمري وكنا مشغولين بحسب أوامر والدتي - كجيراننا - بتكديس أكياس البر في البراميل.

أثناء حرب صيف 1994م كنا في صنعاء نمارس ذات الهلع المقزز في التأكد من تخمة البراميل بالحَبْ ، لايعني الكثيرين شئ أكثر من شراء عشرين إلى ثلاثين كيس "للأزمة" بل والله أن هناك اليوم من يشتري فوق المائة كيس، سيأكلها في السنوات التالية بوقزتها (دودها ) ، ولطالما انتهت الحروب والصراعات اليمنية سريعاً و بقيت الوقزة في الحلوق يبلعها اليمنيون في هذا الجزء من الكون مع سذاجات " سهل ، ولا نجوع . سهل ، قدو ما نفعل ؟ "

قبيل اجتياج صنعاء كانت أكياس البر هي هم أصحاب الجنابي الأوحد ، يكدح يصمت وربما يبذل نفسه مقاتلا دون قضية من أجل تأمين كيس البر ، يترك الوطن لأجل كيس البر، لايعنية حق أو حقيقة مادام الكيس الملعون "مركوزاً " أسفل الدَرَجْ أو " مرجوزاً " في برميل .

غالبية أولئك القادمين من كل " ضياح" الشمال التائهون مع بنادقهم ببحر الدماء في قفار العند و صحاري لحج و شبوة و أزقة عدن اليوم لا يقاتلون إلا لأجل رب الذل هذا المركوز أسفل الدَرَج .

يرى من منظار قناصته رأس أخيه وهو مطمئن أن قطافه بطلقة هو ما سيجعل برميل أمه في آنس أو الحيمة أو خولان أو حرف سفيان يمتلئ حتى آخرة ببر استراليا.

تشتعل اليمن ، تُحتل بقفازات قذرة ، يذل فيها كل عزيز ، تنسف دورها و مساجدها وقيمتها و كرامتها، تهيج المنطقة هلعاً ، ترسل الطائرات ،تدك المعسكرات و الطرق و مخازن الذخيرة و المصانع و المطارات لأجل كيس بر في رأس مقاتل يخاف الجوع ولا يخاف الله لن يتردد بعد عشرين عاما - ايضاً -في إرسال ابنه إلى أرض الجن نصرة لعصابة ما لكي يمتلئ برميله بالبر.

دعوني أعترف هذا الجوع و الخوف من الجوع حد عبادة " كيس البر " من دون الله من دون الحق والحرية هو الشئ العريق الوحيد الذي توارثناه في سلوكنا نحن سكان هضبة "الهوارة "و عبدة "الملوج" .

تدك قذائف الحقارة أحياء عدن و الحوطه، يعدم أهلها بدم بارد ، و من هنا لا يرى إلا قاطرة البر التي قصفت ياللبر المسفوك !!،

شوارع صنعاء شبه خاوية إلا أمام محلات بيع القمح ،لكأن من لم ينزح أو يذهب للقتال ليملأ برميل أمه بالبر المغمس بالدم الحرام يقف في طوابير شراء البر والذل ، كيس يشتري كيس ليحمله مدى الحياة ويسحق كل معنى للانسانية فيه ثم تجده في المقيل يؤيد "الوحطة".

كما لم أستنكف عن ذكر هذا الاعتراف لن استنكف عن ذكر مثل معروف يقول : من كان رأس ماله بطنه كان ربحه خراه - لا أجلّ الله كل ذليل - .

أربعون عاماً يا أهلي هنا من إب حتى آخر شبر في صعدة و أنتم تعبدون الأكياس ، تحنون لها ظهوركم و كرامتكم وهاماتكم ، تغتربون لأجلها وتغتلبون كذلك . حتى صار كيس البر إله الملوج الأعظم هو الفصل و الفيصل .

بودي لو وقفت الآن على أعلى قمة فيك يا صنعاء لأهتف بأقوى من صوت إنفجار ذري :

ملعون أبو بركم على أبو ذلكم على أبو بطونكم التي لاتشبع من أكل " الوقزة" في النهاية ودائماً .

ايها العالم أقسم بالله أن لدينا من البر المكدس في سوافل بيوت الجبال ما يكفينا و يكفي كل جوعى أفريقيا لا تنقصنا هنا سوى الكرامة والشعور بها .

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص