انطفاء الفقاعة

الفقاعة تتجه بسرعة نحو النهاية.. كان واضحا منذ البداية أن الحوثية مشروع طائفي يتوسع ممتطيا البندقية،، لكن الجميع أفسح لهم المجال بغية أن يعقلوا ويقدموا مشروعا وطنيا يمكن التعايش معه.

لكن فتيان الايدولوجيا والبارود رفعوا اصواتهم بالزوامل والهتافات وصموا آذانهم عن دعوات كل الحريصين على الوطن والراغبين في التعايش، ولم تلتقط تردداتهم سوى إيماءة عفاش أن هلموا لمائدة العنف وهاكم مخازن الجيش لتنتقموا لي وتحققوا حلمكم الموعود.

لم يكن المتوقبون نحو القصر يدركون أي مآلات تقودها اليهم أفعالهم الصبيانية حين ردد ابو علي الحاكم وهو يرمق صنعاء من تل الصباحة أن اجتياحهم لصنعاء ليس سوى عزمهم على تحقيق "إرادة الله" التي منحتهم الولاية حقا حصريا الى يوم الدين.

وصلوا القصر وابتسم المقالح برضا عن التمكين الذي منحه الله للعترة المطهرة ولم يخطر في باله أن اقتحامه القصر متأبطا يد ابو بارعة ليس سوى الخطوة الأولى في مضمار نهاية الغرور والعنجهية.

أطلق الفتى عبده شاصاته ومدرعاته مصحوبة بجحافل عفاش لاقتحام محافظات الوسط مستغلا جنوح اليمنيين للسلم ومضى يدمر بيوت خصومه ويمعن في إذلال الناس، ليجد أبناء الضالع ولحج وعدن يخوضون معه اللعبة التي لا يجيد غيرها، وما يزيده تفوقا أنه لا يأبه بسقوط مليشياته بالجملة في فتوحاته، لتأتيه بعدها طير أبابيل تدمر آلة الموت التي يبطش بها اليمنيين وتجعله مع حليفه صالح وعائلتيهما يختبؤون كالجرذان.

لم يكن أحد من اليمنيين سعيدا وهو يرى الطيران العربي يقصف معدات وبشر يمنيين لكنهم يدركون أن الدبابة التي تحمل لهم الموت والدمار اذا لم يقصفها طيران التحالف اليوم ستقتلهم وتدمر منازلهم غدا، وأن جحافل عفاش والحوثي لم يعودوا سوى أشباح تقدم خدمة توصيل القتل المجاني إلى المنازل فأيدوا تلك الحملة كونها تعني "وجع ساعة ولا وجع كل ساعة".

كان طيران التحالف يقصف معداتهم وجحافلهم وهم يوسعون غزواتهم ويكثفون أعمال القتل بحق أبناء عدن الذين يقسمون أن لا علاقة لهم بطائرات التحالف ولا بمقتل الامام الحسين، ويداهمون منازل آخرين من المسالمين في صنعاء وإب والحديدة كونهم رفضوا أن يهتفوا لجهود عصابات "السيد" والزعيم في قتل اليمنيين وتدمير حياتهم.

راهنوا على ايران فاختفت وطمأنتهم أنها قد كلفت روسيا بعرقلة أي قرار أممي يصدر ضدهم، لكنهم وجدوا أن جرائمهم أكبر من أن يساعدهم في التغطية عليها أي طرف دولي أو إقليمي وأن مشروعهم التدميري ومغامراتهم الطائشة بات من غير الممكن الصمت عليها، فصرخ العالم في وجه تحالف الانقلاب "الحوثي، عفاش" عبر مجلس الأمن الذي دللهم كثيرا وظنهم وسيلة جيدة للتخلص من أطراف لا تروقه أن توقفوا عن إحراق وبلدكم وإزعاج العالم والا فسيأتيكم الناتو وستساقون الى المحاكم الدولية كمجرمي حرب.

وينتهي المشهد بانطفاء الفقاعة المنتفشة، وعودة ابو علي" الى مهنته السابقة ويتحسس الصماد ملف القات خلف الكرسي لكني لا أعتقد أنه سيجد زبائن يشترون منه الولعة بعد أن تيقنوا أن يده ملطخة بالدم والبارود.

صباحكم خالي من ناشري الموت والخراب