2015-04-22 الساعة 08:30م
قرار إنهاء الحرب بيد الحوثي وصالح ، غير أنهما كما يبدو يراهنان على الوهم .
الرهان على الحالة الإنسانية التي تزداد كل يوم هو رهان العاجزين ، لأن الناس تغضب كل يوم وهي بلا حيلة على كل حال ، أما الرهان على حجم الضحايا من المدنيين فهو عمل لا يفتقر فقط إلى أخلاق الحرب ، بل يفتقد إلى الخيال أيضا .
فكلما سترفعون ضحية جديدة سيرفعون في وجوهكم صور ضحاياكم ، وحين تبكون على النازحين سيذكرونكم بسبب النزوح ، وحين تتحدثون عن القصف الذي يرعب المدنيين سيحاججونكم بأن السبب هو من جعل كل ترسانة الأسلحة ترقد بجوار الآمنين .
وإذا ماتذكرتم البيوت المهدمة سيعرضون عليكم صور التفجيرات لبيوت فجرتموها .
لديكم صور ولدى الآخرين صور للموت والخراب والضحايا ، ذلك لن يغير من الأمور شيئا .
لقد أخذ الناس أخذاتهم ، وحددو مسبقا مواقفهم ، وكل التعاطف المزعوم مع الضحايا لن يغير في حقيقة المواقف شيئا ، فهي مواقف إنسانية يتبادلها الناس ثم يعودون لتبني مواقفهم ، ولهذا فالتفكير المسئول هو أن نعمل على إيقاف الحرب بمسئولية بدلا من البكاء على الضحايا وتحويلهم لوقود جديد في معارك جديدة .
لدينا جبهات مشتعلة في عدة مدن يشغلها ضحاياها ، ولا يمكن لأي تبرير أن يقول للناس إن حربكم ضدهم تمتلك أي عدالة .
تعز التي اختارت السلام وصرخ شبابها بالسلمية وتظاهرو بالشوارع حتى بحت منهم الأصوات رضخوا أخيرا لقراركم وحملوا الأسلحة البسيطة للدفاع عن حقهم في العيش والحياة .
مأرب تشيع الضحايا كل يوم في حرب جعلتموها بلا عنوان وجعلوها عنوان وجودهم وكرامتهم ورجولتهم .
عدن التي حولتم شوارعها إلى ساحة معركة لاتفرق بين صغير وكبير وطفل وامرأة .
البيضاء ورداع وعمران وكل مدينة تركتم فيها دورا للعزاء والموت والقهر والثأر .
هناك ضحايا يسقطون كل يوم ، والضحايا هم وحدهم الحقيقة الوحيدة في كل حرب ، لاحقائق في الحروب غير الضحايا ، والقتلى هم وحدهم الذين شهدوا نهاية الحرب .
هناك قرار أممي يجب تنفيذه ، ولا يمكن المقامرة بشعب منهك لتحدي قرارات العالم ، والدول التي تنوون استنزافها لن تستنزف حتى ننزف نحن حد الموت .
يبقى أن نقول بأن التسليم بهذا القرار ليس هزيمة من أي نوع ، الهزيمة هي أن يسقط كل هؤلاء الضحايا في معركة لا أفق فيها لنصر وهي فوق كل ذلك معركة بلا قضية عادلة ولا مشروعية واضحة ، ولا عدو فيها سوى هذا الشعب الذي مل منكم المراهقة والمقامرة والتحدي الأجوف .
هذه الحرب مسئوليتكم وحدكم ، ليس فقط لأنكم من أشعلها ، بل لأنه ينبغي لكم أن تتصرفوا كمسئولين عن شعب له أوجاعه وهمومه وليس كعصابة تؤمن فقط جبهة محاربيها .