2015-06-01 الساعة 02:52ص
لماذا تنتكس ا لمقاومة لشعبية" كلما احرزت تقدما هنا او هناك, الامر لا يمكن ارجاعه فقط الى عدم وجود قيادة موحدة للمقاومة او لفارق التدريب والتسليح. اذ ان هناك سببا اعمق من ذلك.
عندما تمكنت المقاومة من اخراج قوات الحوثيين صالح من الضالع في اول "نصر كامل" للمقاومة منذ بداية الحرب تعالت اصوات حتى من داخل الصف المعادي للحوثي وصالح تحذر من خطر بزوغ مقاومة بهذه القوة والحسم السريع, وهنا مربط الفرس في هذا الجو الملتبس والمعقد.
يتوجس التحالف المناهض للحوثيين وصالح (هادي و التحالف العشري) من تكون مقاومة شعبية مستقلة تفرض سيطرتها على الارض وتصبح صاحبة القرار الفعلي في اي تسوية قادمة.
لهذا احس هذا التحالف بالخطر من وجود مقاومة شعبية جنوبية تنطلق من الضالع وتحرر عدن وابين لأنها ستسير حتما في خيار تقرير المصير بعيدا عن هادي وحسابات القصور الملكية في الرياض.
فلنتذكر مثلا كيف ان هادي رفض تسليح اهالي عدن مع بداية اعلان " الحوثيين ـ صالح" للتعبئة العامة والحرب على الجنوب واستمر في حصر التسليح في دائرته الضيقة من ابين وبعض العسكريين الموالين.
يعرف هادي انه لا يمتلك بعدا شعبيا في الجنوب لهذا لا يستطيع دعم اي حركة تعبر عن المزاج الشعبي المختلف كثيرا عن اجندات هادي وتحولاته.
اما في مارب فيتوجس نفس التحالف كثيرا من تكون مقاومة قوية ومنظمة تضع السيطرة على الارض في يد الاخوان المسلمين خاصة ان مارب لديها مقاومة جاهزة للقتال ومسلحة منذ سقوط صنعاء العام الماضي.
كما تتميز تعز بوجود قيادة موحدة للمقاومة وقادة عسكريين مخضرمين على راسها, لكن قربهم من الاخوان وعلي محسن يجعل التحالف العشري بطيئا وحذرا في دعمه لها حتى لا تسقط اوراق اللعبة الداخلية من يده الى يد حليف ليس عدوا ولا صديقا حتى الان!
لكل ما سبق لا زالت المقاومة الشعبية في موقع الدفاع لا الهجوم, وهذا احد اسباب الانتكاسات المتكررة لها, لان ابسط قواعد الحرب تقول ان اتخاذ موقف الدفاع لفترة طويلة مستحيل لان السقوط يصبح وشيكا ومفاجئا.
هناك بون شاسع بين قيادات المنفي السياسية وقيادات المقاومة الميدانية, وبسبب فارق التسليح والتدريب النوعي يصبح الدعم المخلص والصادق من جناح هادي ودول التحالف اساسيا وضروريا لفعالية المقاومة.
لكن حكومة المنفى التي لا تتمتع باي امتداد شعبي او اجتماعي تبدد فرص تبلور عملية المقاومة حتى لا ينتقل القرار الميداني الى عناصر المقاومة في المدن والقرى.
ولست أظنني مبالغا اذا قلت ان تحالف "هادي- سلمان" يفضل وقوع المدن تحت السيطرة المؤقتة للحوثي بدلا من وقوعها تحت سيطرة مقاومة شعبية مستقلة ومرتبطة بتطلعات الناس لان ذلك يحرمهم من منفذهم الوحيد للتأثير على السياسة في الداخل اليمني.
عندما توقف الاسناد الجوي لعمليات المقاومة في عدن وتعز ومارب اثناء هدنة الايام الخمسة كانت المفاجأة انه لم يحدث اي تغير فعلي في الواقع رغم عدم التزام " الحوثيين – صالح" بالهدنة.
وهذا يدل على محدودية وانتقائية الدعم الجوي للمقاومة وهي انتقائية مخططة بدقه حتى لا تؤدي الى تغيير كبير في موازين القوی.
لقد كان مؤتمر الرياض محاولة لاختطاف المقاومة من اهدافها الشعبية وتحويلها الى ميليشيات لـ" الحرب _بالوكالة". وكما يبدو يسعى تحالف الحرب الداخلي للقضاء على المقاومة بينما يسعى تحالف الحرب الخارجية الى ابقائها ضعيفة مع ضمان عدم سقوطها النهائي.
في هذا الوضع المعقد صار تحالف الحرب الداخلية على ابواب حضرموت ووسط عدن وفي عمق مارب!
وبين وحشية الداخل وحرب الخارج يصبح التحدي امام المقاومة ايجاد البديل لحالة الاستنزاف الداخلي والخارجي التي تعانيها.
واحد البدائل المطروحة تعتمد على وعي ان المقاومة ليست بالضرورة عسكرية وعنيفة، وليست بالضرورة قادرة على الحسم النهائي دون السياسة والتفاوض على قاعدة المطالب الشعبية التي تمثلها.