أهم الأخبار
علي محمد الرابغي

علي محمد الرابغي

ليس هكذا نحترم شهـر القرآن !

2015-06-17 الساعة 09:34ص

شهـر رمضان علامة فارقة على جبين الدهر.. يغور في أعماق وجدانات المؤمنين ويرتقبونه في حالة من التأهب والفرح الشديد.. إيمانا من أنه ميناء الرحمة والسعادة والبركة والغفران.. ترسو فيه النفوس المؤمنة.. وفي بحيرات نوره تغتسل من أدران الأشهـر الماضية وتؤوب تائبة وجلة إلى الله.. من فاته رمضان فقد فاته خير كبير.. وقال نبي هذه الأمة صلوات الله وسلامه عليه .. أتاني جبريل فقال يا محمد: رغم أنف عبد أدرك رمضان ولم يغفر له قل آمين فقلت: آمين.. هذه المساحة الشاسعة بعد ما بين السموات الأرض يؤكد عظمة هذا الشهـر وفخامة لياليه.. وهو شهـر أنزل فيه القرآن وفيه ليلة خير من ألف شهـر وفيه أمجاد أمة محمد في مقدمتها غزوة بدر وفتح مكة ومعركة القادسية وفتح بلاد الأندلس والكثير من الأمجاد.

ليس هكذا نحترم شهـر القـرآن :

ولكن ما يدمي الأفئدة ويشعل الحسرة والزفرات في النفوس المؤمنة أن وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات قد نصبت خيامها ورفعت راياتها من أجل السباق على استقطاب أكبر عدد من المشاهدين.. كل ذلك من أجل الإعلانات وما يصب في جيوب أصحابها.. لا يبالون بكل أسف بما يجرح الصيام و يهدم سلوكيات رمضان ويقتلها ويقتل روحانياتها عند أولئك المغرر بهـم.. فيهجرون مساجد الله ويهجرون كتاب الله وينقطعون إلى المسلسلات التي تفتقد وتفتقر إلى أدنى معدلات الاحترام.

ورمضان بريء من هذا كله وسبحان الله فإن ما ينفق على هذه المسلسلات.. مسلسلات الغواية والهدم إنما هو إهدار للمال الذي هو من عند الله.. وكان أولى به أن ينفق في سبيل الله في هذا الشهـر الكريم الذي تضاعف فيه العبادات أضعافا مضاعفة.

لسنا مع الذين يريدون الحجر على الحريات ولكن الحرية إذا تعدت إلى المساس بأرقى معتقداتنا والصوم في مقدمتها فإن ذلك يعني أننا لا نعرف قيمة هذا الركن الرابع من أركان الإسلام الذي قال عنه الله عز وجل «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».

يستطيع الإعلام وتستطيع الفضائيات أن تنقب في الإرث الإسلامي وكنوزه التاريخية ما من شأنه أن يكون مقبولا ويعين على الطاعة في رمضان.. أريد أن أقول ليتنا نصون ونسيج أولادنا وبناتنا من هذا العبث الذي يهدم ولا يبني ولا يخدم بناء الإنسان.. وأسوق هنا من باب الاستشهاد لأعزز العبرة مقالة للدكتور مصطفى محمود بعث لي بها الصديق الدكتور بسام كبارة من طرابلس لبنان.

لماذا يتحول رمضان إلى شهـر ترفيهي بدلا من شهـر روحاني ؟ لست شيخا ولا داعية ، ولكني أفهم الآن لماذا كانت والدتي تدير التلفاز ليواجه الحائط طوال شهـر رمضان.. كنت طفلا صغيرا ناقما على أمي التي منعتني وإخوتي من مشاهدة الفوازيـر بينما يتابعها كل أصدقائي.. ولم يشفِ غليلي إجابة والدتي المقتضبة «رمضان شهـر عبادة مش فوازير!» لم أكن أفهـم منطق أمي الذي كنت كطفل أعتبره تشددا في الدين لا فائدة منه.. فكيف سيؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير على شهـر رمضان؟

من منكم سيدير جهاز التلفاز ليواجه الحائط في رمضان؟

أتمنى أن نحترم شهـر القرآن. ونعرف ماذا نشاهد.

ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.. (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)...

نحن على قناعة أن إعلامنا نزع مفردة الاحترام من قاموسه..

هل ستتحلى أنت بقليل من الاحترام وتقلب شاشة تلفزيونك.. أو على أقل تقدير حذف بعض القنوات والاكتفاء بما يعزز احترامك لشهـر رمضان الفضيل.

رحم الله أخانا الدكتور مصطفى محمود وليت شعري ماذا كان سيقول لو عاش إلى هذا اليوم وشهـد هذا الغثاء الذي من شأنه أن يلعب دور الصدى فيرين على القلوب.

إن رمضان قامة وهامة وقيمة روحية كبيرة يجب أن نعمق هذه الثقافة ونحفرها في أذهان وقلوب شباب الأمة.. إذ لا فخر ولا شرف ولا تطلع نحو آفاق المستقبل الكريم إلا إذا قوينا العضل النفسي والروحي عند شبابنا لا أن نصيبهم بالتراخي والانحطاط.. والله على ما أقول وكيل.. وحسبي الله ونعم الوكيل.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص