2015-06-22 الساعة 11:54م
لكي نفهم سر ظهور داعش يجب أن نعرف سبب ظهور تنظيم القاعدة.
كما هو معلوم أن أمريكا قامت مع حلفائها من العرب ودول الغرب بدعم تنظيم القاعدة ماديا وعسكرياً في الثمانينات من القرن الماضي أثناء الحرب الباردة بين الغرب ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية والشرق ممثلا بالاتحاد السوفييتي.
كانت أفغانستان هي ميدان الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وبقدر ما كانت حرباً عسكرية واقتصادية وسياسية فقد كانت أيضا حرباً أيديولوجية بين الشيوعية ممثلة بالاتحاد السوفييتي والرأسمالية الإمبريالية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية.
كان المد الشيوعي مخيفاً ومرعباً ومتسارعاً وخاصة في الشرق الأوسط حيث سيطر هذا الفكر على السلطة في كل من اليمن الجنوبي والعرق وسوريا ومصر وليبيا وإثيوبيا وغيرها من الدول، الأمر الذي دفع أمريكا إلى استغلال حالة الخوف من هذا المد من قبل الدول العربية المحافظة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية واليمن الشمالي وبقية دول الخليج العربي التي دفعت بشبابها إلى أفغانستان للجهاد ضد الروس.
بعد تفكك الاتحاد السوفييتي مطلع التسعينات من القرن الماضي أصبح العالم بقطب واحد هو الولايات المتحدة الأمريكية وبدأ الفكر الماركسي ينحسر شيئاً فشيئاً، توحدت اليمن وانصهر الفكر الشيوعي في سلطتها الجديدة ، وتحول الفكر الشيوعي إلى قومي في كل من العراق وسوريا ، وانتهت الإشتراكية بمصر بوفاة عبد الناصر.
إذن لم يعد للقاعدة الآن أي مبرر للوجود، ولابد من القضاء عليها أو الاستفادة منها في الإبقاء على التوتر في منطقة الشرق الأوسط من أجل الحفاظ على المصالح الغربية فيه من جانب والحفاظ على إسرائيل من جانب آخر، فكان الخيار الثاني ..
وفعلاً بقي الشرق الأوسط متوتراً إلى أن بدأت عاصفة الربيع العربي من تونس مرورا بمصر ثم ليبيا واليمن وسوريا وما صاحب هذه الثورات من صعود للتيار الإسلامي المعتدل الذي أرعب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اللتان رأتا في هذا التحول خطراً على وجود إسرائيل من جانب وتهديداً للمصالح الغربية في الشرق الأوسط ، وهنا بدأت تتشكل تحالفات جديدة لإيقاف هذا المد، فبدأ التقارب الأمريكي الإيراني بعد ثلاثة عقود من القطيعة والصراع البارد ونتج عن هذا التقارب ظهور ما يسمى بــ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ثم سوريا ثم مصر وليبيا ثم تونس وأخيراً باليمن.
إن تنظيم القاعدة لم يعد كرتاً صالحاً لإدارة الصراع في الشرق الأوسط فقد أصبح من وجهة النظر الأمريكية كرتاً حارقاً ومنتجاً منتهي الصلاحية لذا عمدت إلى تقديم المنتج الجديد (داعش) بالتعاون مع النظام الإيراني وصنعت له الإنتصارات الوهمية ووضعت على هرم قيادته أشخاصا مجهولي الهوية؛ ليس لهم أي تأريخ جهادي عكس قيادة تنظيم القاعدة، وحسب رأيي أن إيران التي شاركت في صناعة هذا المسخ بغية توسيع نفوذها هي من أكبر الخاسرين لأن أمريكا استغلت شبق إيران في توسيع نفوذها ووضعت لها الطعم في سوريا والعراق وأخيراً في اليمن، وحولت الصراع في الشرق الأوسط من صراع بين تنظيمات وسلطات حاكمة يتسم بقصر مدته وتقلبه بتغير السلطات إلى صراع عقدي طائفي بين سنة وشيعة يكون طويل الأجل مهما تغيرت السلطات الحاكمة يظل الصراع مستمراً .
هذا هو سبب ظهور داعش حسب اعتقادي