أهم الأخبار
د. عمرو عبد الكريم سعداوي

د. عمرو عبد الكريم سعداوي

هزيمة إيران في اليمن

2015-09-05 الساعة 08:20م

جاء إعلان عبد الملك الحوثي عن قبوله للوساطة في الحرب الأهلية الدائرة رحاها في اليمن منذ شهور والتي هي في جوهرها حرب بالوكالة عن الدولة الإيرانية بغية تطويق العالم العربي واستخدام ما عرف قديماً بسياسات شد الأطراف وتمزيق القلب. أقول جاء هذا الإعلان ولو من طرف خفي تعبيراً عن هزيمة حقيقية للحوثيين في عدن التي أوشكت قوات المقاومة على تحريرها بالكامل وما حولها من محافظات. كانت حرباً شرسة أرادت فيها مليشيات الحوثي التهام اليمن نيابة عن الدولة الإيرانية بحيث تزيد أوراق اللعب في يد المفاوض الإيراني سواء في مفاوضات الملف النووي، أو في مفاوضات الملفات الإقليمية الأخرى وهي كثيرة ومتشعبة. والدولة الإيرانية في نسختها الإمبراطورية لا تعترف بالحلفاء إنما تمارس سياسات الاستتباع وشراء الولاءات وتكوين المليشيات التي تستخدمها ضد مصلحة أوطانها. كانت حرب اليمن حرباً شرسة بكل معاني الكلمة، وكان تحالف الشر بين قوات المخلوع وقوات الحوثي دلالة على بلوغ الأزمة اليمنية الداخلية ذروتها بعد انهيار عملية سلمية صورية وضع فيها الطرف الحوثي سلاحه على طاولة التفاوض ووصل مع السلطة الشرعية إلى ما يشبه الإذعان الكامل لكل طلباته بل لكل أوامره، وكانت قمة المأساة في اختطاف الرئيس الشرعي للبلاد وإجباره على تقديم استقالته والتنازل عن منصبه، ولم يكن أمام الرئيس هادي إلا الاستسلام الموقت حتى تسنح له فرصة الهروب من بين براثن الحوثيين وقوات المخلوع صالح. وكان التدخل الإقليمي بقيادة المملكة العربية السعودية أهم عوامل تغيير موازين القوى على الأرض ودعم قوات المقاومة الشعبية وتوفير غطاء جوي يحيد هجمات سلاح الجو اليمني الذي سيطرت عليه مليشيات الحوثي بالتعاون مع قوات المخلوع صالح وخاصة قوات الحرس الجمهوري التي اشترى ولاءها منذ سنين. كانت شهوراً عصيبة حتى تحول ميزان القوى على الأرض ونشطت المقاومة الشعبية في تحرير البلدة تلو البلدة حتى أوشكت عدن على التحرر الكامل ثم تتبعها قريباً بقية محافظات الجنوب ثم تنشب حرب التحرير الكبرى وهي حرب تحرير كامل التراب اليمني بدءا من صنعاء وانتهاء بصعدة معقل الحوثي ومثواه الأخير. جاءت كلمة الحوثي بعد تحرير عدن اعترافاً مبطناً بالهزيمة وإن عدها خطوة محدودة الأثر لكن الملحظ الأكبر في الكلمة هو ترحيبه بأي حل سياسي للأزمة في اليمن. لقد قال الحوثي في كلمة مسجلة إن: «الحلول السياسية في البلد متاحة وممكنة ونحن نرحب بكل جهد ومسعى في هذا السياق من أي طرف من الأطراف العربية المحايدة أو الأطراف الدولية». وهذا القبول بمقتضيات الحل السياسي دلالة واعتراف بأن الحل العسكري الذي اعتمده منذ شهور طويلة لم يؤت أكله، ولم تسلم البلد شمالها وجنوبها له ولا لداعمه الأكبر في العاصمة الإيرانية، وأن الحل السياسي الكامل هو الذي تتهيأ له الأجواء بعد أن تضع الحرب أوزارها ويعود الحوثيون طرفاً في معادلات الصراع السياسي اليمني وليسوا قوة مهيمنة على مقدرات الدولة اليمنية ولا يديرون الصراع الداخلي لمصلحة الراعي الرسمي لهم في طهران. نقلا عن "الراي" الكويتية

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص