2015-11-05 الساعة 12:34ص
حين نتحدث عن عجز الشرعية فلا يعني ذلك أننا نقول لهم ابقوا على ما أنتم عليه من العجز فهذا هو قدركم، بل نحاول أن نقول لهم إننا نعلم أنكم تبدون عجزاً وتخاذلاً في الوقت الذي لا يزال بإمكانكم استعادة القدرة على الفعل والحركة.
وعندما نكاشف السلطة الشرعية بعجزها فنحن ننبه المعنيين أن لا يقطعوا الطريق على كل هذه التنبيهات بتصنيف من يكاشفهم بأنه من تيار فلان ضد تيار فلان، فلم ولن نستسلم لحالة الاستقطابات التي ازدادت حدتها مؤخراً بين أطراف السلطة النازحة.
فتحالف الإنقلاب إنما يطول عمره وتتسع مساحة حركته بسبب عجز السلطة الشرعية وانشغال مسؤوليها بالمعارك البينية ضد بعضهم البعض، وكان هذا هو الحال منذ أن غادرت مليشيات الحوثي مدينة صعدة حيث لم تسترعي تلك التحركات انتباه المسؤولين في صنعاء ولو بنسبة 10% من انشغالهم ببعضهم.
كنا مصدومين بحالة العجز التي عاشتها السلطة وهي لا تزال في القصور بصنعاء وبيدها الأمر والنهي، لكن حالة الصدمة تصبح أكبر عندما تبدو منظومة الحكم عاجزة حتى عن الاستفادة من هذه الدروس وقد أصبحت نازحة.
كيف يمكن للمسؤولين تبرير الفلتان الحاصل في المناطق المحررة وتركها مجدداً لعصابات لا تختلف كثيراً عن عصابات تحالف "الحوثي، صالح"، بل تلتقي العصابات بشقيها عند العداء للدولة ولكل ما هو مرتبط بالدولة.
كيف نفهم أن يعجز المسؤولون في الرياض عن الاستفادة من الجهود التي يبذلها التحالف لمساعدة السلطة الشرعية في استعادة سيطرتها على الأرض وبسط نفوذ الدولة.. ويبدو الخذلان واضحاً من المسؤولين المقيمين في الرياض لأنفسهم ولبلدهم وللجيران الراغبين في إعادة الاستقرار لليمن.
لا نتجنى على المسؤولين ولن نكتفي بالتعميمات في الحديث عن عجز الرئاسة والحكومة واستمرارهم في إهدار الوقت والفرص، ويمكننا هنا فقط أن نورد مثالين على هذا العجز وهما ملفي الجرحى، ومرتبات الجيش المؤيد للشرعية.
فمنذ عدة أشهر والإعلام يتحدث عن إهمال واضح ومتعمد لملف جرحى المقاومة الشعبية لدرجة شعور هؤلاء الجرحى بالخذلان، وسواء الجرحى الذين تم نقلهم إلى خارج البلد، أو المئات ممن تعفنت جراحهم لأن وضعهم حرج ولم يجدوا من ينقلهم للعلاج في الخارج .. فالجميع يبدون خارج اهتمام الحكومة التي تشكل لجنة ثم تنسى من هم أعضاؤها، ناهيك عن أن تسأل ما الذي عملوه.
وعلى الرغم من تفاعل الأشقاء في دول التحالف وفي مقدمتهم السعودية واهتمامهم بهذا الموضوع، إلا أن إهمال الحكومة، وتعاطيها مع هذا الملف بمزاجية وانتقائية تخضع لمعايير مناطقية أو جهوية، يحول دون تحقيق إنجاز في هذا الموضوع المهم والشائك.
أما ملف تأخير مرتبات الجيش المؤيد للشرعية فيبدو أمراً مثيراً للاستغراب، فكيف تريد من جندي أن يخوض المعركة ويضحي بروحه وهو يرى أنك غير مكترث براتبه، وكيف له أن يثق أن أسرته ستلقى الإهتمام الكافي في حال استشهد في المعركة وقد رأى أن أحداً غير مكترث به وهو لا يزال يحمل السلاح في الميدان.
لم يحدث في التاريخ أن يتراخى قائد في تسليم مرتبات جيشه وهو يخوض بهم المعركة، ولا يمكن للجنود الاقتناع بأي مبررات يسوقها المسؤولون.
قرابة ثلاثة أشهر مضت وأفراد الجيش المرابطين في صحراء العبر ومارب بدون مرتبات، بينما يتسلم الموالون للحوثي مرتباتهم في الموعد المحدد أليس ذلك أمراً يبعث على التشكيك في جدية الطرف الأول بخوض المعركة!!
إلى القابعين في قصور الرياض اضبطوا الأوضاع في المناطق المحررة، واهتموا بجرحى المقاومة والجيش وسلموا مستحقاتهم، قبل أن تنقلكم سيارة الترحيلات من البلد المستضيف إلى أقرب منفذ للترحيل ولا تجدون حينها من يستقبلكم.