2016-01-05 الساعة 05:13م
أوعز الحرس الثوري وأجهزة مخابرات نظام الملالي إلى مجموعة من عناصرها لتجييش الشارع لاقتحام وإحراق مبنى السفارة السعودية في طهران، واضطر النظام الإيراني أن يعتذر عن فعلته بعد هذه الحادثة بساعات.
كانت ذات الأجهزة التي تجسد قبح الثورة الإيرانية قد فعلت ذات الفعلة على مستوى أكبر وحركت أذرعها الطائفية والجماعات المسلحة في المنطقة العربية وأحرقت بلدانا بأكملها، إلا أنها لم تعتذر، بل لاتزال تشرف وتمول وتسلح هذه الجماعات لتواصل إشعال الحريق.
ومع أن نظام الملالي بات يدرك جيداً أن فكرة تصدير الثورة باتت بضاعة بائرة بعد أن رأى الناس مخرجاتها، إلا أنه يجد من تلاميذ الحوزات الطائفية من لا يزال مستعدا لإحراق بلده ليثبت لأسياده أنه تلميذ نجيب ومخلص لفكرة ولاية الفقيه ما يدفعهم إلى الاستمرار في دعم وتشجيع الفكرة.
وكما أن الحريق الذي اشتعل في السفارة السعودية في طهران قد ضرب طوق العزلة الإقليمية على النظام الإيراني ما دفعهم لاعتماد خطاب مرن تجاه الجريمة، فإن المآسي التي سببتها حرائق أشعلتها الجماعات المرتبطة بالنظام الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وحاولوا إشعاله في البحرين، يجب أن يشكل درسا مكثفا لمن لا يزال لديه ذرة عقل من أبناء الطائفة الشيعية من العرب.
وإذا ما قرروا أن يكونوا مشاريع حياة لهم ولبلدانهم فإن تلك النماذج يمكن أن تدفعهم إلى فك ارتباط نهائي مع إيران التي تتصرف بطريقة العصابة المتحللة من كل المسؤوليات تجاه شعبها وتجاه العالم، كما يمكن لهم وبنظرة متأنية أن يصلوا إلى قناعة أن هذا النظام فشل فشلاً ذريعاً في تقديم النموذج الذي يشجع على تكراره.
يعتقد البعض أن دعم الجماعات المذهبية وحركات التمرد وعصابات التخريب عملاً بطولياً، ويفاخر بما يقوم به النظام الإيراني في هذا الجانب، دون أن ينظر إلى المآلات السيئة التي تقود إليها هذه التصرفات الغبية.
لقد دعم القذافي حركات التمرد حول العالم ومات ملعونا عند شعبه لأنه لم يكن يفكر في تنمية بلده كما يفكر في دعم متمردين في أقاصي الكرة الأرضية.
يمكن لجماعة الحوثي التي تفاخر منذ بداية تحركاتها بكونها الذراع المسلحة لإيران، أن تفكر قليلاً ما الذي كسبته من ارتباطها الفج بنظام مكروه، وما الذي خسرته بهذه العلاقة ليدركوا كم كانت خسارتهم فادحة حين غادروا إطارهم الوطني ليتحولوا إلى جماعة طائفية عنيفة أرادت بصورة غبية أن تكرر تجربة الثورة الإسلامية، وأن تستنسخ نظام "ولاية الفقيه" الذي لم ولن يقبله اليمنيون حتى ممن يؤيدون الجماعة الآن لأسباب لها علاقة بالصراعات القائمة.
ومع أن الحسابات الآنية تجعل الحوثيين يشعرون أن إيران قدمت لهم الكثير من خلال شحنات السلاح، جيهان١، وجيهان ٢، وما لم يتم كشفه من الشحنات المهربة من الأسلحة إلا أنها أفقدتهم الكثير وجعلتهم عدوا مباشرا ورئيسيا لغالبية اليمنيين لأنهم ظهروا وكلاء لإيران مهمتهم الوحيدة هي تحويل البلد إلى منصة لتصدير القلاقل إلى بلدان الجزيرة العربية، وتمكين إيران من بسط نفوذها على الممرات المائية العالمية في باب المندب والبحر الأحمر وبحر العرب.
جاؤوا بالصرخة التي ترددت في أواخر السبعينات وكانت عنوانا لثورة الملالي ونسوا أنهم بذلك يحملون رسالة بالغة السوء لخصومهم وأصدقائهم أن موجة التنكيل والقمع التي مارستها ثورة ايران ضد خصومها وشركائها ستتكرر هنا، وأن الموت لأمريكا وإسرائيل ما تجاوزت كونها شعاراً إلا مع المواطنين داخل البلد.
ويمكن القول إن الحريق الذي أشعله الحرس الثوري وأجهزة المخابرات الإيرانية في السفارة السعودية بطهران قد وصلت حرارته للنظام الإيراني حيث بدأ يبعث رسائل الاعتذار وهي سابقة ما كان له أن يفعلها لولا أنه وجد نفسه مكشوفا أمام الجميع وهو يتصرف كعصابة لا كدولة.
إلا أن الاعتذار عن الحريق في سفارة المملكة السعودية في طهران لن يكون مجديا مالم يصحبه توقف واعتذار عن إشعال نيران في بلدان عربية لا تزال تحترق.