2016-03-09 الساعة 01:11م
طريق العودة بعد الظفر دوما خفيفة المتاعب مهما كان حجم المشقة ،تكاد تنمحي مع اقترابك من الهدف ،تصبح أيام المتاعب ذكريات عظيمة لأهل الأهداف العظيمة .
كثيرة هي الكلمات التي تستهلك يومياً في صفوف المقاومة في متاريس القتال ،ربما لا تكون مرتبه لكن الشوق سموا الهدف وعظم التضحية وعدالة القضية هي التي تجعل كل تلك الكلمات تبدوا حصيفة مرتبة وعلى مستوى من الوعي ،تسمعها من انصاف المتعلمين وربما مسنون كان حضهم الأمية على مدى سنوات اعمارهم وكذا شباب .
أحمد وعبدالله يفترشان الرمال ويلتحف أحمد "معوزه" وعبدالله "غترة" غطيا بهما انفسهما من الذباب ليخلدا الى النوم لانتظار وجبة الغداء في مكان يستريح فيه المقاتل بنهم ،ناما أو "غفوا ،وأتي محمد يستنهضهما للغداء والقات ، يبدو عليهما آثار التعب والارهاق ،أحمد اثناء وجبة الغداء يتحدث عن طريق الوصول الى صنعاء والعجلة لتحقيق ذلك ،محمد : الحرب لا يمكن أن تحدد بزمن ,الميدان من يفرض ذلك ،متسائلا لماذا العجلة ؟ أحمد رأيت أمي في غفوتي متبسمه تعانقني وتهنيني بالنصر ، تمسح دموع الفرح ،كنت على موعد لأحكي لها مآسي عام من الغياب القسري وبطولات الأبطال لكن "كدم "محمد خربت الشغلة ،ساد المكان الضحك .
قطعت قهقهات الشباب مخاطباً أحمد ..محمد .. عبدالله ..الجميع ،ربما لن تجد وقتاً لعمل ذلك ربما يلازمك ادمان الوقوف في النقاط والاستعراض في السلاح بالأسواق ،ونظر الناس اليكم أنكم عدتم الى صنعاء منتصرين بعد كل هذه المعارك وتفرضون أنفسكم في المؤسسات والنقاط والاقسام وتفرضون وصايتكم على المجتمع بمحلاته التجارية وعقاراته ،ربما تتجهون لتشريد الخصوم وتفجير المنازل كما صنع الحوثيون تماماً، فيشغلك عن احاديث النصر والمآسي لامك ،أو ربما كل ذلك مجتمع ينسيك هذا الاهتمام بوالدتك ،ما يدريك ؟
رد محمد كلا والله لو اردت أن أكون في نقطه أو أمارس الوصاية لكنت وجدت طريقاً لمن يمارسونها وكنت قيادي في صفوف المليشيا كبعض أبناء الحارة والحي لكني ابحث عن مستقبل سليم معافى من كل تلك العاهات .
يقاطع أحمد نحن نضحي من أجل الخلاص من ثقافة الفيد والوصاية والبلطجه بل والانتقام ،وقد تواجهنا مثل هذه الحالات لكن لا اعتقد ان من سيمارسها ممن تقدموا صفوف المواجهة لكن ربما من المتلونيين أو أن يمارس بلاطجة الامس نفس الدور تحت مظلة النصر ،وفي كلا الحالتين سنكون في مقدمة الصفوف في محاربة أي ممارسات تظهر بحق المواطن وسنقف في وجه كل من سيصنع ذلك ’أن يمن على المواطن بالتحرير أو الحماية أو النصرة أو غيرها ولو مارستها قيادات عليا ،لا يمكن لهذه التضحيات أن تعود لتؤسس لنفس تلك الثقافة التي عانينا منها كثيرا.
محمود يستمع اتغدوا "يا خبرة " والله لا يقع أعظم مما وقع من تضحيات ،ليس معقولاً أن تكون هذه القوافل من الشهداء والدمار والخراب ونعود الى الدوامة السابقة ،ويضيف :تعبنا نريد دولة تحمي حقك وحق الآخرين وهذه لا تحتاج لان نعود إلى منازلنا نحكي القصص والعناء لأهالينا ،بقدر ما نحتاج لان نكون في يقظة دائمه في اسناد الدولة ودعمها ليس عن طريق نصب انفسنا حكاما واوصيا بل بتقويم بعضنا والنصح لنصبح مواطنين صالحين نحتكم للقانون الذي يجب أن يكون فوق الجميع .
عبدالله "اهجعوا" لما نصل يقع خير واتركونا من الاحلام والروايات ،وما يدريكم أنكم ما تستشهدوا وانتهت الحكاية ،الكواتيش والالغام والقناصة ما أدري من تأخذ ومن تبقي .
قيس في الثلاثين من العمر تقريباً خلونا نرجع بيوتنا وبين أهلينا والباقي عليكم يكفينا كل واحد يدافع عن نفسه .
نفذ الكدم وكان الأرز قليل كوننا دخيلين على حدرتهم ،وكلاً ذهب يبحث عن مكان يتحسى قاته .
تلك هي لحظات تناول وجبة الغداء في احد مواقع جبهة نهم ،أحسست أني في منتدى ثقافي وفي حلقة نقاشية مع كبار الساسة يتدارسون مستقبل اليمن .
كان المكان يضج بأفراد المقاومة من مختلف الفئات العمرية لكن هؤلاء من شاركونا تلك الجلسة ،والخلاصة أن تجد هذا المستوى من الوعي في متاريس المواجهات يؤكد أنه لا مجال لرفع الرايات المعبرة عن مجموعات تحاول ان تكون بديله عن الدولة ،هذا الكلام ربما يكشف عن ملامح مرحلة يتطلع ابناء اليمن لتأسيسها .
بقلم وليد الراجحي : رئيس مركز سبأ الإعلامي